تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

] أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [أهـ.

أقول بدون العقيدة تصبح الإنسانية موتى، وإن كانوا بصورة الأحياء، قال الله تبارك وتعالى مخاطباً نبيه http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif :

] فإنك لا تُسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين [().

فالله -تبارك وتعالى- قد أعطى مثالاً في هذه الآية لكل من فقد التوحيد، وجعله في حكم الموتى الذين لا يسمعون، وما ذلك إلا لأن هذا النوع من البشرية قد فقدوا توحيد ربهم فصاروا موتى، وإن كانوا يتحركون ويأكلون ويمشون.

وإن هذا المثال الذي ضربه الله -تبارك وتعالى- لمن فقد التوحيد لم يكتف الله -تبارك وتعالى- بذكره في موضع واحد بل ذكره الله في عدة مواضع حيث قال تعالى في موضع آخر:

] أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُين للكافرين ما كانوا يعملون [().

خلاصة القول، أن الإنسانية بدون العقيدة (الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات) لا تقوم لها قائمة مهما بلغت في حضارتها، وكيف لا؟! ولا حضارة إلا بإسلام ولا إسلام إلا بعقيدة.

ومن أهمية العقيدة في حياة الأمة الإسلامية، أن الله -تبارك وتعالى- جعل مدار قبول الأعمال على العقيدة الصحيحة، ورد كل عمل يقوم به الإنسان بغير عقيدة، قال الله تعالى:] مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد [().

وقوله -تبارك وتعالى-:] والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفّاه حسابه والله سريع الحساب [().

وما كان كل ذلك إلا لفقدان العقيدة.

وإني أحلف بالذي نفسي بيده، أن الأمة الإسلامية لا تقوم لها قائمة إلا بالعقيدة، ولمّا كانت الأمة متمسكة بالعقيدة الصحيحة، والتي يمثلها كتاب الله -عز وجل- وسنة رسوله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif لمّا كانت الأمة كذلك سادت الأمم الأخرى، وأذل الله لها طواغيت زمانها من بلاد الفرس والروم وغيرها من البلاد الكافرة، ولكن بعد أن ظهرت فرق الضلال والابتداع، والتي أخذت تبعد الأمة الإسلامية عن العقيدة الصحيحة بعد ذلك أخذت الأمة تضعف بعد أن كانت أقوى من الجبال الشامخات.

إذن فكل ضعف دخل الأمة بعد نبيها http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif إنما هو بالبعد عن طريقه ومنهجه عليه أفضل الصلاة والتسليم.

وقد وضح لنا رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif في معظم أحاديثه كيفية رجوع الأمة إلى عزتها، كما كانت قبل حيث قال http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif : " إذا تبايعتم بالعِينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم" ().

فبين لنا رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif في هذا الحديث كيفية رفع الذل عن هذه الأمة، وهي بالرجوع إلى الدين والذي منه (الإيمان - الإسلام - الإحسان).

قال العلامة ابن تيمية () رحمه الله: فإن هذه الدرجات الثلاث التي هي "الإسلام والإيمان والإحسان" داخلة في الدين كما قال في الحديث الصحيح:

"هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم" بعد أن أجابه عن هذه الثلاث.

فبين أنها كلها من ديننا.

أرجع فأقول: قد بين لنا نبينا أبو القاسم http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif أننا إذا أردنا رفع الذل عن أنفسنا، فعلينا بالرجوع إلى الدين والذي منه الإيمان والإسلام والإحسان.

وهذا البيان المتقدم لم يأتِ فقط بالسنة، بل قد بينه الله -تبارك وتعالى- في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث يقول الله -تبارك وتعالى-.

] وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [().

فالله -تبارك وتعالى- قد وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح بالتمكين في الأرض، والأمن بعد الخوف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير