لم يجب الداعي، لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أولوها له يفقهها قال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: الدار الجنة والداعي محمد فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً، فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس" ().
أسوق هذا الحديث الصحيح بطوله لإخواني الذين يقولون هذه المقالة، وأقول: إخواني لأنني أعلم علماً يقينياً لا شك فيه، أن هذه المقالة إنما يقولها أفراد بل جماعات من المسلمين في زماننا الحاضر.
أسوق لهم هذا الحديث لأعلم ويعلمون أن مقصد الشريعة لم يكن في يوم من الأيام تجميع الناس فحسب، ولم يكن في يوم من الأيام مقصدها كثرة الأفراد بل الله تبارك وتعالى قد بين أن الكثرة هي فئة الكفر والضلال حيث قال الله -تبارك وتعالى-:
] وما أكثرُ الناس ولو حرصت بمؤمنين [().
وقوله تعالى:
] وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون * إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين [().
يقول ابن كثير رحمه الله: "يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال، كما قال تعالى: (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين)، وقال تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل …" ().
أقول لم يكن من مقاصد الشريعة كثرة الأعداد والأشخاص، بل مقصد شريعتنا جمع الناس على الكتاب والسنة وإن قلوا، فقد يكون الرجل وحده أمة، إن كان على الحق كما قال الله تعالى في إبراهيم -عليه السلام-:
] إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين [().
فهذا شخص واحد ولكنه أمة، بمعنى أنه إمام يأتم به، إذ أن الأمة في هذه الآية إنما قصدت بها الإمام الذي يأتم به غيره كما نص على ذلك العلامة ابن كثير في تفسيره لهذه الآية.
أقول وما جعل هذا الشرف لسيدنا إبراهيم -عليه الصلاة السلام- إلا لأنه كان قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين شاكراً لأنعم الله تبارك وتعالى وهذا الشرف ليس لسيدنا إبراهيم فحسب بل هو لكل من اقتدى بإبراهيم وبمحمد -صلوات الله وسلامه عليهما-.
إذن فمقصد الشريعة هو تجميع الناس على التوحيد الخالص وإن قل الأتباع.
هذا هو مقصد شريعة النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif فمن ظن أن مقصد الشريعة التجميع فحسب فهو مخطئ أيما خطأ، إذ أن الله -تبارك وتعالى- جعل للجمع الذي يريده قيداً زائداً وهو التجميع على الكتاب والسنة الصحيحة.
والله سبحانه وتعالى، علم أن الأمر سيؤول إلى ما هو عليه الآن من الضعف والذلة، ومع ذلك لم يرخص لنا في كتابه، ولا في سنة رسوله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif بأن نجمع الأمة على معتقد يريدوه، بل ثبت من قول رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ما يرد ذلك، في الحديث المتقدم، عندما قال: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم"، فقد أرشدنا أبو القاسم http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif في هذا الحديث إلى كيفية التخلص من الذل، وبين لنا أن رفع هذا الذل إنما يكون بعد الرجوع إلى الدين والعقيدة التي هي أصل الدين، ولم يرخص لنا أبو القاسم http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif في هذا الحديث أن نجمع الأمة وأفرادها على أي معتقد تريده تلك الأفراد، وهذا واضح لغير المتأمل والحمد لله.
فالجماعة التي يريدها الله -تبارك وتعالى-، هي الجماعة التي تقوم بالدعوة إلى التوحيد الخالص من أدران الشرك والخرافات.
أعود فأقول ولا يرد على ما قدمت من وجوب التمسك بالعقيدة الصحيحة وعدم قبول غيرها قول بعض المسلمين -هدانا الله وإياهم- أن هذه الأمور كقضية الأسماء والصفات، مثلا أمور جزئية وفرعية فَلِمَ نفرق المسلمين بالأمور الفرعية؟!
بل علينا بإقامة الأصول والتي من أهمها هو جمع شمل المسلمين.
فأقول كيف نقول هذا؟؟ أقصد قوله: أن هذه أمور جزئية فرعية.
أقول كيف تكون أمور كهذه -قضية الأسماء والصفات- من الأمور الفرعية فإن كانت أمور العقائد أمور فرعية فأين الأصول؟!.
¥