فالجواب كما يعلمه عامة وخاصة المسلمين، أن نقول له: إن الله -سبحانه وتعالى- أمرك بالصلاة التي أرادها هو، لا التي تريدها أنت والله -تبارك وتعالى- أمرك بالوضوء للصلاة، ولم يأمرك بإقامة الصلاة فقط بل جعل الله لها شرطاً زائداً، وقيداً زائداً ألا وهو الوضوء، فلا تصح صلاتك عندئذ إلا بهذا القيد الزائد وهو الوضوء ولو صليت ألف ركعة.
أسوق هذا المثال لإخواني الذين يقولون إننا نجمع الأمة ونترك المسائل التي تتعلق بالعقائد حتى لا نفرق الأمة، ولأن الأمة وصلت إلى حالة من الضعف الذي لا يتصور فلماذا نزيدها فرقة؟!
أقول لهم اعذروني أيها الأخوة في الله، فوالله لقد وقعتم في مثل الذي أنكرتم عليه صلاته بغير وضوء ونبين ذلك فأقول:
إن الجمع الذي أراده الله -تبارك وتعالى- هو الجمع على الكتاب والسنة الصحيحة والتوحيد الخالص (الربوبية، الألوهية، الأسماء والصفات).
فالله -تبارك وتعالى- لم يرد منا مطلق التجميع فقط، بل طلب التجميع بقيد زائد، هذا القيد هو الجمع على الكتاب والسنة، فكما أن المُصَلي الذي صَلَّى ألف ركعة بغير وضوء، قلنا له إن صلاتك باطلة، لأنك لم تصلي الصلاة التي يريدها الله، كذلك من جمع الناس على أي فهم يريدوه في العقيدة، فهذا نقول له لقد جمعت على باطل لأنك لم تجمع الناس على الجمع الذي يريده الله -تبارك وتعالى-.
خلاصة القول إن المسائل التي ترتبط بالعقيدة لا يجوز فيها الخلاف، فالصحابة اختلفوا في كيفية صلاة الكسوف، فمنهم من قال إن في كل ركعة ركوعين، ومنهم من قال غير ذلك.
فالمقصود أنهم اختلفوا في المسائل الفرعية، ولكن لم يختلفوا في إثبات صفة العلو لله -تبارك وتعالى-.
وكذلك لم يختلفوا في إثبات الاستواء لله -تبارك وتعالى-.
وهكذا سلف هذه الأمة من القرون الفاضلة، اختلفوا في الأمور الفرعية العملية، ولكن لم يختلفوا في الأمور العقائدية، فقد اختلفوا مثلاً في قراءة الفاتحة خلف الإمام، كما اختلف الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين - من قبل، ولكن لم يختلفوا -السلف- في إثبات استواء الله تعالى فوق عرشه، كما أن الصحابة كذلك لم يختلفوا في إثبات استواء الله -تبارك وتعالى- فوق عرشه.
فهذا الأوزعي ()، ومالك وأحمد بن حنبل والثوري وحماد بن زيد البصري وابن المبارك المصري وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي والبخاري وابن راهويه يصرحون أن الله استوى فوق عرشه، استواء يليق بجلاله، وهكذا غيرهم من أهل العلم من السلف الصالح متفقون على هذا مع أن هؤلاء العلماء الأجلاء، كالبخاري، والشافعي وأحمد وغيرهم قد اختلفوا في أكثر المسائل الفرعية، إن لم تكن كلها ومع ذلك ما اختلفوا في أصول العقيدة والتوحيد (الألوهية، الربوبية، الأسماء والصفات).
وأما الشبهة التي ذكرها بعضهم، أن في زماننا تمر الأمة بمرحلة ضعف وفرقة، فلماذا نزيد الأمة فرقة إلى فرقتها؟!
أقول إن مثل هذه الشبهة مما لا يلتفت لمثلها، ولكن لا بأس من أن أبين خطأها.
إنه من المعلوم لكل من تتبع السيرة النبوية، وتتبع أحوال مشركي قريش يعلم بأنهم كانوا يقومون بأعمال ينكرها عليهم رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ، كالذبح لغير الله، وغيرها من الشركيات والمسائل التي تمس العقيدة، فهل سكت النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif عن ذلك بحجة تجميع الناس عليه، وتأليف قلوبهم، ثم بعد ذلك يبين لهم حكم هذه الأمور؟!
لنترك الجواب لشدة وضوحه، بل لقد جاءت الآيات تترا تبين للنبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif أنه لا بد له من مواجهة مثل هذه الاعتقادات الفاسدة، فهنا يأمر الله - تبارك وتعالى- النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif بأن يواجه المشركين ليرد عليهم مثل هذه الأعمال فيأمره -تبارك وتعالى- ويقول له:
] قل يا أيها الكافرون [… الآيات ().
وفي موطن آخر يعلم النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif كيف يرد عليهم ما ينسبوه إلى الله تبارك وتعالى- فيقول له:
] سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين [().
¥