تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أرجع فأقول: إن الذي نتكلم عنه في مسائل العقائد غير هذا الذي بينت أنه يجوز فيه الخلاف، فالأول يتعلق بالعقائد التي لا يجوز لأحد أن يجتهد فيها، بل كل أمور العقائد توقيفية لا بد لها من دليل شرعي، بينما المسائل الشرعية الفرعية أهون من أمور العقائد إذ أن المسائل الفقهية قد يدخلها الاجتهاد والقياس عند القائلين بهما، بينما أمور العقائد لا مجال فيها للاجتهاد والقياس.

وهؤلاء السلف قد اختلفوا في أمور المسائل الفقهية كقراءة الفاتحة مثلاً خلف الإمام ولكن لم يختلفوا -مثلاً- في إثبات صفة الفوقية لله -تبارك وتعالى- فقياس جواز الخلاف في الأمور العقائدية والمتفق عليها بين السلف بالأمور الفرعية التي اختلف فيها السلف قياساً يسميه الأصوليون قياساً مع الفارق.

خلاصة هذا البحث أن ما اختلف فيه السلف جاز لمن بعدهم الخلاف فيه ما لم يكن الدليل صريحاً لا يحتمل التأويل، وما اتفق عليه السلف لم يجز لمن بعدهم إحداث خلاف فيه والله أعلم.

وبعد أن قدمت هذا البحث في بيان وجوب اتباع مذهب السلف أرى من الواجب أن نجعل بحثاً عن بيان عقيدة السلف الصالح، وسأحاول بقدر وسعي الاختصار في هذا البيان حيث أن هذه الرسالة ليست لبسط هذا الأمر -العقائد- لأنه ليس هنا موضعها بل من أراد هذا المجال فما عليه إلا أن يرجع إلى كتب السلف كالرد على الجهمية لأحمد بن حنبل والعقيدة الطحاوية وشرحها، وغير ذلك من كتب أهل العلم التي ألفت على منهاج السلف الصالح ولنشرع في مقصدنا والله المستعان.

بيان عقيدة السلف الصالح

قد بينا سابقاً أن الواجب على دعاة اليوم الدعوة إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وخاصة في أمور العقائد ولنشرع في بيان عقيدة السلف الصالح وسأقتصر في بحثي هذا على تلخيص رسالة ألفها شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني، يقول الشيخ رحمه الله بعد أن ذكر سبب تأليف رسالته: "قلت: وبالله التوفيق إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وشهد له بها رسوله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif على ما وردت الأخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ولا يعتقون تشبهها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون، أنه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله عز من قائل:

] قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [()

ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية أهلكهم الله. ولا يكيفونها بكيف أو يشبهونه بأيدي المخلوقين، تشبيه المُشَّبِّهة خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف والتشبيه، ومنّ عليهم بالتعريف والتفهيم حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعليل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل:

] ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير [()

"وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح، ومن السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقدرة والعزة والعظمة والإرادة والمشيئة والقول والكلام والرضا والسخط والحياة واليقظة () والفرح والضحك وغيرها، من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين" "ويشهد أصحاب الحديث ويعتقدون أن القرآن كلام الله وكتابه وخطابه ووحيه وتنزيله غير مخلوق ومن قال بخلقه أو اعتقده فهو كافر عندهم" أ. هـ.

قلت: ثم ساق المؤلف بسنده إلى ابن خزيمة أنه قال: القرآن كلام الله غير مخلوق فمن قال إن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم، ولا تُقبل شهادته، ولا يعاد إن مرض، ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين ويستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه. أ. هـ.

ثم انتقل الصابوني -رحمه الله- إلى بيان أن أهل السنة والسلف -رضي الله عنهم- يثبتون استواء الله على عرشه فقال: "ويعتقد أهل الحديث ويشهدون أن الله -سبحانه وتعالى- فوق سبع سماوات على عرشه كما نطق به في كتابه في قوله -عز وجل- في سورة يونس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير