تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول الصابوني: "ومن مذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ومعرفة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية".

وبسنده إلى الحميدي قوله: سمعت سفيان بن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول ينقص فقال: اسكت يا صبي أجل ينقص حتى لا يبقى منه شيء.

وبسنده إلى أحمد بن حرب أنه قال: "أشهد أن دين أحمد بن حرب الذي يدين الله به أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" أ. هـ.

ويتابع الصابوني بحثه فيقول: "ويعتمد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوباً كثيرة صغائر كانت أو كبائر فإنه لا يكفر بها وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله -عز وجل- إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالماً غانماً، غير مبتلى بالنار ولا معاقباً على ما ارتكب من الذنوب واكتسبه، ثم استصبحه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار" أ. هـ.

"ومن قول أهل السنة والجماعة في اكساب العباد أنها مخلوقة لله -تبارك وتعالى- لا يمترون فيه ولا يعدون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه".

"ويشهدون أن الله -تعالى- يهدي من يشاء إلى دينه ويضل من يشاء عنه لا حجة لمن أضله الله عليه ولا عذر له لديه".

"فسبحانه خلق الخلق بلا حاجة إليهم، فجعلهم فريقين فريقاً للنعيم فضلاً، وفريقاً للجحيم عدلاً، وجعل منهم غوياً ورشيداً، وشقياً وسعيداً وقريباً من رحمته وبعيداً،

] لا يسأل عما يفعل وهم يسألون [()

] ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [()

"ويشهد أهل السنة ويعتقدون، أن الخير والشر والنفع والضر والحلو والمر بقضاء الله وقدره، لا مرد لهما ولا محيص ولا محيد عنهما، ولا يصيب المرء إلا ما كتبه له ربه. ولو جهد الخلق أن ينفعوا المرء بما لم يكتبه الله لم يقدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروه بما لم يقضه الله عليه لم يقدروا، على ما ورد الخبر عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما" أ. هـ.

"ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم مع قولهم بأن الخير والشر من الله وبقضائه لا يضاف إلى الله ما يتوهم منه نقص على الانفراد، فلا يقال يا خالق الشر والخنازير والخنافس والجعلان وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه".

"وكذلك مذهب أهل السنة والجماعة، أن الله -عز وجل- مريد لجميع أعمال العباد خيرها وشرها، لم يؤمن أحد به إلا بمشيئته ولم يكفر أحد إلا بمشيئته ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة".

"ويرضى الإيمان والطاعة ويسخط الكفر والمعصية ولا يرضاها، ويرى أهل السنة الصلاة مع البر والفاجر، والجهاد معهما، ولا يرون الخروج عليهم ويرون الكف عما شجر بين أصحاب الرسول http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ويعتقدون أن الجنة لا تجب لأحد بعمله بل برحمة الله وفضله، ويعتقدون أن لكل مخلوق أجل وأن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها ومن مات أو قتل فإن أجله قد انتهى".

وهذا آخر ما أردت نقله من رسالة الإمام الصابوني -رحمه الله وهذه عقيدة السلف الصالح وهي سبيل المؤمن الذي لا يجوز مخالفته أبداً، وهي التي يجب على الدعاة أن يدعوا إليها ويبينوها للأمة.

فهي عقيدة لا تأويل فيها للأسماء والصفات على غير حقيقتها ولا تحريف فيها ولا تشبيه ولا تفويض، بل ملخصها إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ونفى ما نفاه الله عن نفسه أو ما نفاه رسوله، إثبات بلا تعطيل ونفي بلا تفصيل ()، وهي التي أدين الله بها، عليها أحيى وعليها أموت وعليها أبعث إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.

وقبل أن ننتهي من الفصل الأول أرى أن أنقل كلمة للعلامة الشاطبي -رحمه الله- والذي كان من أكابر أهل السنة في عصره -رحمه الله تعالى-.

يقول الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات في المسألة الثانية عشرة المجلد الثالث: "كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون معمولاً به في السلف المتقدمين دائماً أو أكثرياً أو لا يكون معمولاً به إلا قليلاً أو في وقت ما أولا يثبت به عمل".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير