قال: هذه سنة الله كلما ابتعد الزمان، وكلما بعدت الأمة عن الدين، فيرجع الناس إلى الشرك ويبتعدون عن الدين، فهؤلاء محتاجون إلى من يوجههم إلى الحق، وبنو إسرائيل لما نجاهم الله من فرعون عبدوا العجل.
وأما التوسل الحقيقي فوضحه رسول الله في الحديث الصحيح وهو حديث أصحاب الغار، فالتوسل بالإيمان والأعمال الصالحة، هذا هو التوسل المشروع، فالنبي بين لنا هذا الحديث حتى نتوسل بالأعمال الصالحة، وأما من يريد الاحتجاج بحديث الأعمى () إنما يريد أن يضيق واسعا، فالله أذن لنا بالتوسل بجميع الأعمال الصالحة، ولكن يأبى الناس إلا التضييق، والتوسل بالأنبياء والأولياء والله تعالى وصف المشركين بأنهم لا يكتفون بما أمرهم الله به، وإنما يريدون زيادة على ذلك، والله يقول:] وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون [().
وهذه الآية تفيدنا أن نتوجه إلى الله وحده والمشركون لا يحبون هذا ويريدون من دونه، والله في القرآن الكريم إنما وجهنا أن نستعين بالصلاة، ولو كان الله يريد لنا الاستعانة والتوسل بغير ذلك، لبينه لنا ولقال:] استعينوا بإبراهيم [وهكذا فهذا دليل على أن التوسل لا يجوز إلا بما شرع الله في كتابه وعلى لسان رسوله.
قلت: وهو آخر ما أردت بيانه من منهج الجماعة تجاه توحيد الله -عز وجل- في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، مما يجعلني أجزم بأن منهج هذه الجماعة في العقيدة (الربوبية، الألوهية، والصفات) هو على منهج السلف الصالح لا شك في ذلك عندي ومن هنا يتبين خطأ من قال أن عقيدتهم أشعرية ماترودية أو غير ذلك من العقائد المخالفة لما كان عليه سلف هذه الأمة، والحمد لله رب العالمين.
منهج جماعة التبليغ تجاه الجهاد في سبيل الله
منهج السلف في الجهاد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:
فإن مما انتقدت به هذه الجماعة، الادعاء بأنهم لا يرون شرعية الجهاد، أو أنهم يرون أن جهاد النفس هو الجهاد المطلوب فقط، دون ما سواه من جهاد الكفر والكفار، أو أن خروجهم المعروف هو الجهاد الحقيقي، لأنه نشر للإسلام بدون قتال، وبوسائل سلمية، إلى غير ذلك من الأقوال التي تنسب إليهم وهم براءُ منها، وإظهاراً للحق أرى أن أفرد هذا الجواب ببحث خاص لما له من أهمية (أقصد الجهاد) في حياة المسلمين على مر العصور وليس القصد بيان منهج جماعة التبليغ فقط، وإنما المقصود هو بيان منهج دين الله وأهل السنة والجماعة في قضية الجهاد، فأقول وبالله أعتصم:
إن الله فرض الفرائض الشرعية وحدد لها واجبات حتى تكتمل بها الفرائض العظمى، فمثلاً ربنا -جل جلاله- أوجب الصلاة، وجعل لها شروطاً لا تتم إلا بها كدخول الوقت مثلاً، كذلك الجهاد، فإن الله -جل جلاله- افترض الجهاد على الأمة ضمن شروط وقيود معينة فعلى الأمة مراعاة تلك الشروط والقيود الشرعية، وإذا لم تراع تلك الشروط فلا يمكن أن يتأتى ذلك الفرض الشرعي وهو الجهاد في سبيل الله. فالذي يريد الجهاد الشرعي لا بد عليه من تتبع شروط الجهاد حتى يكون جهاده شرعياً، ونشرع الآن في بيان بعض شروط الجهاد، والله المستعان فأقول:
" الشرط الأول: لا جهاد إلا بإمام للمسلمين:
إن من الشروط التي لا بد منها في الجهاد وجود إمام للمسلمين يقودهم إلى درب الجهاد بنفسه أو بواسطة أحد رعيته وإذا لم يوجد ذلك الإمام فلا يصح أن يكون هناك جهاد وإن وقع جهاد بدون إمام فذلك مما يخالف الشرع، فلا عبرة بالجهاد قبل تعيين إمام للمسلمين، وعلى اشتراط الإمام للجهاد انعقد فعل السلف، وثبتت به أحاديث صحيحة، فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم، تحت باب الإمام جنة يقاتل من وراءه ويتقي به، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif قال: "إنما الإمام جنة، يقاتل من وراءه ويتقى به، فإن عمل بتقوى الله -عز وجل- وعدل، ـ كان له بذلك أجر … الحديث" ().
قلت: ووجه الدلالة من هذا الحديث على اشتراط الإمام للجهاد واضحة من عدة جوانب وهي:
¥