تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: ومن الأدلة على اشتراط الإمام للجهاد ما رواه البخاري تحت باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، وما رواه مسلم في باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، كلاهما عن حذيفة -رضي الله عنه- مع اختلاف يسير في اللفظ، قال: "كان الناس يسألون رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: يا رسول الله. فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" وفي هذا الحديث دليل على اشتراط الإمام للجهاد، ووجه الدلالة:

أولاً: أن النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif أمر حذيفة أن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، وقد جاء في بعض طريق مسلم أن النبي قال لحذيفة: "تسمع وتطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع" وأما إذا لم يكن ثمَّ إمام فالجواب هو الاعتزال، فكيف يجتمع وجوب القتال مع الأمر بالاعتدال، مع أن النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ذكر دعاة أبواب جهنم وأمر باعتزالهم، فقتالهم ينافي اعتزالهم حتى أن رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif بالغ في الأمر باعتزالهم إلى حد أن قال: "ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" فكل هذا من الحديث يوضح تأكد اعتزالهم وترك قتالهم إذا لم يكن إمام.

ثانياً: وكما تقرر في الأصول، أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلو كان القتال سائغاً بغير إمام، لبينه رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif لحذيفة مع أن المقتضى قائم للتعليم، فدل ذلك على ما بيناه سابقاً.

ثالثاً: إن أمر رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif لحذيفة بالاعتزال، إنما المراد منه الاعتزال بجميع جوانبه، لأنه أطلق الاعتزال، ولو أراد الاعتزال الفكري، لقيد الاعتزال، فإطلاق الاعتزال لا يجوز تخصيصه خصوصاً أن النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ربط هذا الاعتزال بالعض على جذع شجرة، فعلم أن مراده الاعتزال بجميع إطلاقاته، وهذا يحتاج إلى تأمل.

وعلى هذا الشرط عمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم أجمعين- وقد صرح الأئمة في عقيدة أهل السنة والجماعة باشتراط الإمام للجهاد، فمن ذلك: ما رواه اللالكائي في كتاب السنة له عن الإمام أحمد أنه قال: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif إلى أن قال: وقتال اللصوص، والخوارج جايز إذا عرضوا للرجل نفسه وماله، فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدافع عنهما ما يقدر عليه، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم ولا يتبع آثارهم، ليس لأحد إلا للإمام أو ولاة المسلمين، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده ألا يقتل أحد". وعن علي بن المديني قوله في عقيدة أهل السنة: "والغزو مع الأمراء ماضي إلى يوم القيامة البر والفاجر، لا يترك … إلى أن قال: ويحل قتال الخوارج واللصوص. إذا عرضوا للرجل في ماله، أو ما دون نفسه، فله أن يقاتل عن نفسه وماله حتى يدفع عنه في مقامه، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم ولا يتبع آثارهم، وقد سلم منهم، ذلك إلى الأئمة إنما هو يدفع عن نفسه في مقامه".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير