تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا امتنان من الله تعالى على عباده المؤمنين حين كف أيدي المشركين عنهم فلم يصل إليهم منهم سوء، وكف أيدي المؤمنين عن المشركين، فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام، بل صان كلا الفريقين وأوجد بينهم صلحاً فيه خير للمؤمنين وعافية في الدنيا والآخرة، وقد تقدم في حديث سلَمة بن الأكوع -رضي الله عنه- حين جاءوا بأولئك السبعين الأسارى، فأوثقوهم بين يدي رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif فنظر إليهم فقال: "أرسلوهم يكن لهم بدأ الفجور وثناؤه" قال: وفي ذلك أنزل الله عز وجل:] وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم [الآية، وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حمّاد عن ثابت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif وأصحابه ثمانون رجلاً من أهل مكة بالسلاح من قبل جبل التنعيم، يريدون غرة رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif خدعاً عليهم فَأُخِذوا قال عفان: فعفا عنهم ونزلت هذه الآية:] وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم [رواه مسلم وأبو داود في سننه والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما من طرق عن حماد بن سلمة به".

ثم قال ابن كثير: " (هم الذين كفروا) أي هم الكفار دون غيرهم (وصدوكم عن المسجد الحرام) أي وأنتم أحق به وأنتم أهله في نفس الأمة (والهدي معكوفاً أن يبلغ محله) أي وصدوا الهدي أن يصل إلى محله، وهذا من بغيهم وعنادهم، وكان الهدي سبعين بدنة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وقوله -عز وجل- (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) أي بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم خيفة على أنفسهم من قومهم لكنا سلطناكم عليهم فقتلتموهم وأبدتم خضراءهم، ولكن بين أخفاءهم من المؤمنين والمؤمنات أقوام لا تعرفونهم حالة القتل، ولهذا قال تعالى: (لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة) أي إثم وغرامة (بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء) أي يؤخر عقوبتهم ليخلص من بين أظهرهم المؤمنين وليرجع كثير منهم إلى الإسلام، ثم لسلطناكم عليهم فلقتلتموهم قتلاً ذريعاً.

قال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أبو الزنباع روح ابن الفرج حدثنا عبد الرحمن بن أبي عباد المكي حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد مولى بني هاشم حدثنا حجر بن خلف قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت جنيد بن سبيع يقول: "قاتلت رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif أول النهار كافراً، وقاتلت معه آخر النهار مسلماً، وفينا نزلت: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) قال: كنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين" ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن عباد المكي به، وقال فيه، عن أبي حاتم من حديث حجر بن خلف به، وقال: كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة وفينا نزلت: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة عن أبي حمزة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً) يقول لو تزيل الكفار من المؤمنين لعذبهم الله عذاباً أليماً بقتلهم إياهم" انتهى كلام ابن كثير وهو واضح جدا أن الله منع المؤمنين من قتال أهل مكة لوجود الضعفة من المؤمنين من الرجال والنساء الذين كانوا في مكة آنذاك.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه للبخاري في كتاب الشروط (باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط) قوله: "حبسها حابس الفيل" زاد إسحق في روايته "عن مكة" أي حبسها الله -عز وجل- عن دخول مكة، كما حبس الفيل عن دخلوها، وقصة الفيل مشهورة ستأتي الإشارة إليها في مكانها ومناسبة ذكرها، أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة وصدهم قريش عن ذلك لوقع بينهم قتال قد يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، كما لو قدر دخول الفيل وأصحابه مكة، لكن سبق في علم الله تعالى في الموضعين أنه سيدخل في الإسلام خلق منهم يستخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون، وكان بمكة في الحديبية جمع كثير مؤمنون من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فلو طرق الصحابة مكة لما أمن أن يصاب ناس منهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير