تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

] وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً [()

فأنت ترى أن الله بين أن الاستخلاف في الأرض لا يكون إلا بعد الإيمان والعمل الصالح، فإذا أردنا أن تقوم لنا الخلافة في الأرض فما علينا أولا إلا أن نمر بمرحلة التربية حتى يهيئ الله لنا عن طريق أهل الحل والعقد تنصيب إمام، ومن ثم يكون الجهاد.

وقال تعالى:] يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم [()

فإذا أردنا أن ينصرنا الله بإيجاد خلافة في الأرض فعلينا أولاً أن ننصر دينه دعوة وعملاً ومنهج حياة.

فإن قال قائل كيف ننصر الله؟ قلنا بتطبيق أوامره واجتناب نواهيه، فإن قال فإن الجهاد هو نصر لدين الله، فلماذا تمنعون منه المسلمون الآن؟ قلنا هو نصر لدين الله بشرطه، ومن شرطه الإمام، والله جل جلاله- على لسان رسوله بين لنا أن نصرته بالجهاد لا تكون إلا بإمام فيجب، أولاً أن ننصره بالإيمان والعمل الصالح إلى أن يوجد إمام، ثم بعد ذلك ننصره بالجهاد، وإذا لم ننصره قبل وجود الإمام بالإيمان والعمل الصالح فلن ينصرنا بإيجاد خلافة لها العزة والكرامة في هذه الأرض، وقال تعالى:

] إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد [()

فنصرة الله لمن آمن بالرسل إيماناً كاملاً، ووحد الله وطبق أوامره، وهذا هو معنى الإيمان، اعتقاد وعمل، لا مجرد اعتقاد بدون عمل للجوارح، فإذا أردنا أن ينصرنا الله بالتمكين في الأرض عن طريق الخلافة فعلينا أن نتحصل الإيمان الحقيقي، وقال الله تعالى:

] إن الله يدافع عن الذين آمنوا [()

فبين الله -جل جلاله- أنه يدافع عن عباده المؤمنين إذا اتصفوا بالإيمان الحقيقي فإذا أردنا أن يدافع الله عنا ويوجد لنا الخلافة فعلينا أولاً أن نتصف بالإيمان والعمل الصالح حتى يدافع عنا وييسر لنا الخلافة والتي بها يكون الجهاد. وقال تعالى:

] ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [()

فإذا أردنا العزة الآن بإيجاد الخلافة فعلينا أن نتصف بصفة المؤمنين الحقيقيين

وقال تعالى:

] يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين [()

فبين الله -جل وعلا- أنه أيد الذين ناصروا عيسى على عدوهم ولذلك طلب منا -جل جلاله- أن ننصره بنصر دينه وذلك بتطبيق أوامره واجتناب نواهيه حتى كذلك يؤيدنا على عدونا ونصبح ظاهرين عليه، وهذا المعنى قد بينه رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif في الحديث الشريف الذي رواه البخاري في باب مناقب قريش حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالاً منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif يقول: "إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين".

قلت: والاستدلال بهذا الحديث على ما نريد واضح ووجه الدلالة أن النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif ربط استمرارية الخلافة في قريش بشرط أن يقوم الخلفاء بالدين فإذا لم تقم الخلفاء بالدين سقطت منهم الخلافة.

وبهذا يتبين أن الخلافة تابعة وحاصلة للأمة، إذا قامت الأمة بالدين وأما إذا لم تقم على الدين فلن يكون لهم الخلافة في الأرض.

ولا يقال أننا نقيم الخلافة بالقتال لأن النبي بين أن الخلافة إنما تقام بالدين، والقتال إنما يكون بعد الخلافة كما بينا هذا فيما سبق فعند ذلك نستطيع أن نقول: "لا جهاد إلا بإمام ولا إمام إلا بإقامة الدين، ولا يقام الدين إلا بالتربية، ولا تربية إلا بدعوة".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير