يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرحه للحديث السابق في فتح الباري: "وفي إنكار معاوية ذلك نظر لأن الحديث الذي استدل به مقيد بإقامة الدين فيحتمل أن يكون خروج القحطاني إذا لم تُقِمْ قريش أمر الدين، وقد وجد ذلك، فإن الخلافة لم تزل في قريش والناس في طاعتهم إلى أن استخفوا بأمر الدين فضعف أمرهم وتلاشى إلى أن لم يبق لهم من الخلافة سوى اسمها المجرد في بعض الأقطار دون أكثرها .. ".
فأنت ترى أن الحافظ بين أن الحديث قيد وجود الخلافة بإقامة الدين، فهكذا الأمر إذا لم تكن ثم خلافة فعلينا أن نقيم الدين أولاً ثم يكون ثمرة ذلك في الدنيا أن توجد لنا الخلافة، فمن هنا ثبت أن التربية شرط لإقامة الخليفة كما أن الخليفة شرط للجهاد.
فإن قال قائل فقد أثبت أن التربية من شروط الجهاد حيث أن التربية بها يوجد شرط الجهاد وهو الإمام، ولكن ما هو المقدار المحدد يعني الزمني لهذه التربية؟ ومتى نعلم أننا قد انتهينا من مرحلة التربية إلى مرحة تنصيب الإمام؟
فالجواب أن انتهاء هذه المرحلة ينتهي بعد أن تكون الصفة الغالبة للجماعة التي تريد إقامة حكم الله متصفة بالإيمان الكامل بإقامة الدين ومنهج السلف عقيدة وعملاً ودعوة، ثم يجتهدون في تحصيل الوسائل والقوة والأرض فيقرر بعد ذلك أهل العلم وهم أهل الحل والعقد، أن الوقت أصبح مهيئاً لأن يعين خليفة ويبايع فيتم الأمر وتنعقد البيعة بشروطها في المبايع والمبايع ووسائل القوة التي يستطاع بها التمكن لهذا الإمام وفرض طاعته، وهذا البحث يحتاج إلى بسط شديد ليس هنا مكانه وليس الكاتب أهلاً لبيانه، وإنما أردت أن أقرب الجواب للسائل نظرياً فحسب ليكون له علامة على ما وراءه ونوراً يستضيء به في طريق الظلام.
إذن فقد تقرر من كل ما تقدم أن الجهاد لا بد له من شروط كثيرة ومنها:
1. الخليفة
2. تمييز الصفوف
3. التربية
ولنكتفي بهذه الشروط والله المستعان.
ولنشرع الآن في بيان منهج جماعة التبليغ تجاه الجهاد، وما هذه المقدمة التي قدمتها في بيان بعض شروط الجهاد إلا نصيحة للمسلمين، ثم ميزاناً يوزن به منهج جماعة التبليغ وغيرهم في الجهاد، وسأورد في هذا البحث عن مشائخ التبليغ ما أخذته عنهم مشافهة دون نقل أو ما أخذته من كتب أحدهم كما نقلت ذلك عن الشيخ إلياس -رحمه الله- من كتابه "ملفوظات إلياس" وقد ثبت أن هذا الكتاب للشيخ إلياس بالفعل كما يقوم كثير من إخواننا في التبليغ بمذاكرة هذا الكتاب على مرأى ومسمع من مشائخ التبليغ دون إنكار فلنشرع في المقصود والله المستعان على الإتمام والتوفيق والإخلاص.
منهج جماعة التبليغ تجاه الجهاد
يقول الشيخ إلياس () -رحمه الله- مؤسس جماعة التبليغ "والجهاد له خمسة شروط فمن شروطه الإمام والنظام".
- مناقشتي مع الشيخ إنعام الحسن الكاندهلوي.
قلت: سمعنا أن الشيخ إلياس يقول في بعض كلامه الجهاد له شروط منها الإمام، فما رأيكم في ذلك؟ فقال: الجهاد له شرائط، من شروطه الإمام، والإمام هو الخليفة، قلت: فما الدليل؟ فقال: فعل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وفعل الخلفاء الراشدين وفعل السلف الصالح.
- مناقشتي مع الشيخ زين العابدين.
قلت: ما رأيكم بالجهاد؟ فقال: الجهاد فرض ولكن بعد التدريب والتربية، قلت: سمعنا أن الشيخ إلياس -رحمه الله- كان يقول إن من شروط الجهاد الإمام. قال: هذا صحيح. قلت: فما الدليل على ذلك؟ قال: فعل الصحابة الكرام، وفعل السلف الصالح، قلت: يستدل بعض العلماء بحديث حذيفة على اشتراط الإمام للجهاد -تقدم الحديث- وذكرته للشيخ فقال: هذا استدلال مناسب، قلت: فمن أين تأخذون وجه الدلالة من الحديث؟ فقال: من آخر الحديث فاعتزل. قلت: نرجو منكم أن تبينوا لنا بعض شروط الجهاد فقال: التربية، الإمام، المقام، قلت: ماذا تقصدون بالمقام؟ قال: الدولة، قلت: فما الدليل على اشتراط الدولة؟ فقال: فعل الرسول http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif وكيف يكون إمام بدون دولة؟
- مناقشتي مع الشيخ إنعام الحسن.
قلت: سألت الشيخ إنعام الحسن عن الجهاد فقال: إن من شروطه الإمامة. فما رأيكم بذلك؟ فقال: نعم لا بد من إمام للجهاد. قلت: فما الدليل على ذلك. قال: فعل السلف الصالح -رضي الله عنهم-.
قلت: بعض العلماء يستدلون بحديث حذيفة … حيث أن النبي أمره عند عدم وجود الإمام بالاعتزال.
¥