تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم أخذ المؤلف في تكملة بحثه فقال: "فلسان حال دعاة التبليغ -تبليغ البدعة والفتنة- يقول لا يا رسول الله ليس الأمر كما قلت ولكن السياحة مشروعة بدون جهاد في سبيل الله ولا يصل أحد إلى لباب الدين إلا بها ولو أتى بأنواع العبادات كلها وفرائضها ونوافلها ولم يسح معنا فدينه ناقص، وهذا في غاية الضلال" أ. هـ.

قلت: وهذا يحتاج لتفصيل فأقول: اتهامه لهذه الجماعة بأنهم مبلغين البدعة والفتنة مع عدم ذكره لحجة تؤيد كلامه أسلوب غير طيب لا يليق به؛ لأن الواجب تصحيح الخطأ بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالشدة والسب. ثم إنما أخطأ الشيخ من قبل ما فهمه من أن خروج التبليغ سياحة للفرار والتعبد وبنى كلامه، وما استدل به من الحديث على هذا الفهم، وهذا الفهم أصلاً غير موافق للصواب لما قدمناه، فما بنى عليه فكذلك غير صواب.

وقوله عنهم أنهم يقولون لا يصل أحد إلى لباب الدين إلا بالخروج فنحن هنا لنا سؤالٌ هل هذا فهم من الشيخ أم نقل؟ فإن كان فهم محض فلا تقوم به حجة حيث أنه لا ينسب قول إلى ساكت، وإن كان نقلاً فأين هو؟ يقول الشيخ بالمبوري: "أيها الأحباب يجب علينا أن نحفظ أنفسنا في هذا العمل فلا نظن أننا أفضل الناس كلهم، أو أن الناس كلهم في النار إلا نحن، أهل التبليغ، فهذا خطأ وغرور من الشيطان، وبسبب ذلك منع العمل في بعض البلاد فاتقوا الله واحذروا من هذا الغرور".

هذا الذي يقوله علماء ومشائخ التبليغ لا كما قال المؤلف، وسألت الشيخ زين العابدين عن حكم خروج العالِم في جماعة التبليغ فقال: "الأولى أن يبقى مكانه للتعليم وإن خرج فأيام يسيرة" وسألت الشيخ أحمد لات -حفظه الله- عن حكم خروج جماعة التبليغ هل تلزمون الناس بالخروج معكم؟ فقال: "لا، نحن لا نقول ذلك ومن يقول ذلك؟! " وقال الشيخ أحمد لات: "قال لنا الشيخ إنعام الحسن اجتهدوا في هذا العمل دون أن تحتقروا أحداً أو تعترضوا على أحد، بل ندعو الله لنا ولجميع الجماعات الأخرى دون التعرض لها بشيء".

هذا الذي يقوله لنا علماء ومشائخ التبليغ والله أعلم.

ويتابع المؤلف بحثه فيقول: "فكأن التبليغيين إذا وقفوا على الحديث ولم يتوبوا من السياحة يقولون: لا يا رسول الله ما أبدلنا والله بها خير منها فنحن لا نقبل البدل وهو الجهاد بل نتمسك بالمبدل وهو السياحة" قلت: وجماعة التبليغ لا يردون الجهاد فهذا الشيخ يوسف -رحمه الله- يعنون في كتابه (باب الجهاد) مع أنه عنون كذلك (باب الدعوة إلى الله) وعنون كذلك (باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) انظر حياة الصحابة للشيخ يوسف الكاندهلوي، ويقول الشيخ زين العابدين: "والجهاد فرض ولكن بعد مرحلة التدريب والتربية" وقد تقدم هذا البحث في الفصل الثاني.

ويتابع الهلالي بحثه فيقول: "يقال للتبليغيين في الهند ما أخرجكم من وطنكم الهند وجعلكم تنتشرون في كل أرض وتنادون بالخروج في سبيل الله وقد تبين أنه خروج في سبيل الشيطان" أقول هذا غلط فإن كان المؤلف ينكر خروجهم من الهند فلينظر في خروج أبي القاسم من مكة إلى الطائف، أقصد أنه متى رأى الداعي عدم الاستجابة لدعوته في مكان ما ورأى الاستجابة لدعوته في مكان آخر جاز له الخروج إلى حيث ظن الاستجابة في غيره، ثم إن جماعة التبليغ لم يتركوا الهند بغير دعوة، ولو صاحب الشيخ هذه الجماعة لاتَّضَحَ له الجواب.

فأقول: إن جماعة التبليغ يقسمون أنفسهم فقسم يخرج خارج بلده بعد أن يتمرن بالدعوة وقسم يجتهد في بلده فيخرج أربعين يوماً خارج بلده وأربعين داخل بلده ومما يرد كلام المؤلف أن كثيراً من مشائخ التبليغ موجودين في الهند في غالب الأحيان، إلا إن كان هناك اجتماع ما، ثم إنهم يخرجون الجماعات أولاً في الهند ومن أصولهم أن لا يخرج الرجل إلى الخارج إلا بعد أن يجتهد في بلده أربعين يوماً، هذا بالنسبة لبلاد العرب وأما في بلادهم فإن الجماعات التي تخرج ثلاث سنوات يكون ترتيبها كالتالي: سنة في بلاد العرب، وسنة في بلاد أوروبا، وسنة في نفس البلد هذا … الذي نعرفه عن تجربة معهم والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير