تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كاشفت عن هذه الطريقة للتبليغ وأُلقي في روعي في المنام تفسير الآية:

(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).

إنك أُخرجت للناس مثل الأنبياء، وفي التعبير عن هذا المعنى "أخرجت" إشارة إلى أن العمل لا يكون في مكان واحد بل يحتاج فيه إلى رحلات إلى البلاد، وعملك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأشير بقوله: (تؤمنون) أن نفس إيمانك يرقى ويزدهر، وإلا فحصول نفس الإيمان معلوم من (كنتم خير أمة) فلا تقصد هداية الآخرين بل أنوِ دفع نفسك. والمراد من قوله: (أخرجت للناس) الأعاجم سوى العرب لأنه قيل فيهم (لست عليهم بمصيطر)، (وما أنت عليهم بوكيل) والمراد من (كنتم خير أمة) العرب والمراد من (الناس) غيرهم من الأعاجم والقرينة على هذا: (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم)

فقال: هناك خير لهم بدل خير لكم، لأن تكميل إيمان المبلغ والداعي يحصل بالتبليغ، سواء قبل المخاطب دعوته أو لم يقبلها وأن تأثر المخاطب بالتبليغ فاشتغل بأمر الدعوة والتبليغ استفاد شخصياً، فلا تتوقف فائدة المبلغ على قبول الدعوة وعدم قبولها" أ. هـ.

ثم أخذ الشيخ الهلالي في رد هذا التفسير بما نقله عن البخاري وابن كثير والسيوطي، وقد أفاد الشيخ الهلالي وأجاد في بحثه هنا، ويكفي في ردّ هذا -أي ردّ ما قاله الشيخ إلياس - أنها مجرد رؤيا، لا تقوم بها حجة، ثم إنه تفسير لا يعلم عن أحد من أهل العلم -فيما أعلم- وهم كانوا أعلم منا بكتاب الله وتفسيره.

ولكن هاهنا بحث وهو أن كثيراً من المعارضين لجماعة التبليغ يقولون: إن الشيخ أقام دعوته على رؤيا والرؤيا لا تفيد حكماً شرعياً.

وأقول: إن هذا غفلة منهم هدانا الله وإياهم -لا أقصد قولهم أن الرؤيا لا تفيد حكماً شرعياً- فإن هذه القاعدة ثابتة بنص كتاب الله يقول تعالى:] اليوم أكملت لكم دينكم [()

ولكن الخطأ الذي وقعوا فيه هو تطبيقهم هذه القاعدة على ما رآه الشيخ إلياس، لأن هذا ليس من هذا القبيل لأنه قال: (كاشفت على هذه الطريقة للتبليغ في المنام) فالشيخ يتكلم عن الطريقة عن نفس وأصل التبليغ … والطريقة عبارة عن وسيلة، والوسيلة الأصل فيها الإباحة () لا المنع كأمور العبادات … وهذه نقطة خفية تحتاج إلى تأمل … ثم إن أي رؤيا تعرض على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة أُخذ وما خالف رُدّ.

وقد بينّا مشروعية عمل التبليغ في "الفصل الثاني" فليرجع إليه.

فبطل بهذا قول من يقول: أن التبليغ ليست موافقة للكتاب والسنة لأنها أقيمت على رؤيا. وأقول بل هي مقامة على الكتاب والسنة والله أعلم.

ثم شرع الشيخ الهلالي في بحث آخر وهو ذكر الرواية الغريبة وهي أن أمير جماعة التبليغ في المغرب طلب من أحد علماء المغرب تبرعات لسد حاجة أربعة من الفرنسيين أرادوا الخروج مع جماعة التبليغ إلى أوروبا لمدة أربع شهور.

ويُقدّر الله أن أُلتقي بأمير جماعة التبليغ في المغرب عند زيارته لنا ثم حصل معه البحث التالي:

قلت: ما رأيكم يا شيخ بقول الشيخ الهلالي أنكم توجهتم إلى بعض العلماء في المغرب وطلبتم منهم نفقات إلى أربع أشخاص فرنسيين حتى يخرجوا أربعة أشهر إلى أوروبا.

قال: في الحقيقة إنني لما اطلعت على هذا الكلام تعجّبت منه لأن هذا لم يحصل قط، والله يعلم أن هذا كذب، ولكني لا أتهم الشيخ الهلالي، ولكن ربما وقع الخطأ في الذي نقل له غير ذلك، وإني توجهت إلى الشيخ الذي ذكره الشيخ الهلالي والذي قال له هذه القصة. وقلت له بالله عليك يا شيخ هل وقع مني ذلك؟ قال: لا وأنا والله ما قلت وعندما رأيت ذلك اشتريت النسخ من السوق حتى لا تنشر. هذا هو الجواب على هذه الرواية.

ويتابع الشيخ الهلالي فيقول "والعجب من التبليغيين أنهم يأتون المساجد، ويصلون مع الناس، فإذا قضيت الصلاة أخذوا يرغبون الناس في الخروج من المسجد، ليذهبوا بهم إلى القفار والسياحة المبتدعة المأخوذة من أعداء الإسلام وهذه جريمة لا تُغتفر".

وأقول إن دعوة الناس سواء المسلمون أو الكفار … والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليست جريمة، وأبو القاسم r كان يُخرج أصحابه من المسجد إلى الدعوة إلى الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير