تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الوهم في ذكر سفيان، فممن دون ابن المبارك؛ لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه، ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما، وأما ذكر أبي إدريس فيه فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم؛ وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة.’’

‘‘قال أبو حاتم الرازي: يرون أن ابن المبارك وهم في هذا. قال: وكثيرا ما يحدث بسر من أبي إدريس، فغلط ابن المبارك وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه.’’

‘‘قلت: (يعني ابن الصلاح) قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب:‘ تمييز المزيد في متصل الأسانيد’، وفي كثير مما ذكره نظر؛ لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة ‘عن’ في ذلك، فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللاً بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل، وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه. وإن كان فيه تصريح بالسماع، أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسه، فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلةَ فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا.’’

‘‘اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور، وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين. فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة، والله أعلم’’.

ثانيا: تحليل النص.

تطرق ابن الصلاح لنوع ‘المزيد في متصل الأسانيد’ من خلال نموذج ينطبق عليه تماما مفهوم زيادة الثقة، لأن ذكر ‘‘أبي إدريس’’ في السند بين بسر وواثلة زيادة من ابن المبارك، وهو أحد أئمة الحفاظ المشهورين، وكذا ذكر ‘سفيان’ بين ابن المبارك وابن جابر مزيد من قبل أحد الرواة المتأخرين بعد ابن المبارك، ولم يذكر ابن الصلاح اسم ذلك الراوي ولعله شيخ الخطيب أو من فوقه. وبعد أن بين حكم هذين المزيدين بأنهما مردودان، عقب على منهج الخطيب في قبول المزيد ورده عموما قائلا:

‘‘وفي كثير مما ذكره نظر؛ لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة ‘عن’ في ذلك، فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل، وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه. وإن كان فيه تصريح بالسماع، أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسه، فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلةَ فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا. اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور، وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين. فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة’’

ومن خلال هذا التعقيب أفادنا ابن الصلاح أن قبول المزيد في الإسناد يدور على إحدى حالتين:

الأولى: وجود العنعنة في السند الخالي عن الراوي المزيد.

والثانية: ذكر السماع والإخبار فيه.

فإذا كانت الحالة الأولى تشكل ميزانا لقبول المزيد في السند، وانقطاع السند الناقص المعنعن وفق ما لخصه ابن الصلاح آنفا فإن ذلك لا يمكن أن يكون إلا على أساس قبول زيادة الثقة. وبالتالي فما يترتب عن ذلك من الأحكام لا يكون منسجما مع منهج المحدثين في ذلك؛ حيث إن القرائن والملابسات المحيطة بالمزيد تكون هي موازينهم لقبول الزيادات وردها عموما، بغض النظر عما ورد في السند من العنعنة أو التحديث. وما رأينا في تعقيب ابن الصلاح لم يكن إلا مظهرا لتصادم الأسلوبين؛ الأسلوب القائم على ظاهر السند والأسلوب القائم على دلالة القرائن والملابسات.

وهذا طبعاً إذا لم يقصد ابن الصلاح بقوله: ‘‘اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما’’ الاستثناء من إطلاق القبول في الحالة الأولى والثانية جميعا، ولا مانع من ذلك، لكن الظاهر من السياق أنه يريد به أن يستثني من الحالة الثانية فقط. وذلك لسببين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير