وهي علاج للقلوب، ودواء للنفوس لما فيها من أخبار الأمم وما حلَّ بالعاصين من عاجل بأس اللّه. فأهلُ اليقين وغيرهم إذا تلوها تراءى لهم من ملكه وسلطانه وعظمته وجبروته حيث يبطشُ بأعدائهِ ما تذهلُ منه النفوسُ. وتشيبُ منه الرؤوسُ
والقصةُ مدرسةُ المؤمنين المنتفعينَ بهدي القرآن، {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ} (20) سورة الجاثية، فيها أحسنُ الدروس، وأقوى الأمثالِ التي تضربُ لتحمُّلِ الدعاة المرشدين {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} (28) سورة هود.
أما تكرارها في القرآن فلِما في أغراضها ومقاصدها من معانٍ جليةٍ، وفوائدَ ساميةٍ يحرصُ القرآنُ دائماً على ذكرها لتكون ماثلةً أمام أعين المسلمينَ بكلِّ لونٍ وأسلوبٍ. (3)
وقصةُ قارونً من هذا القبيل،فهي تمثِّلًُ طغيان المالِ، والتهالك على جمع الحطام، وكيف يعمي بصر صاحبه عن رؤية الحقِّ الأبلج، وبالتالي كيف يودي بصاحبه إلى الهاوية وما أكثر هؤلاء في كل العصور، ولاسيما في عصرنا هذا، {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) [العلق: 6 - 8]}. وقد قمت بإفرداها في كتيب منذ حولي عشرين سنة، وطبع الكتاب، ونفذت الطبعة الأولى، وكان بودي إعادة النظر فيه والتوسع أكثر منذ زمان.
وهذا الكتاب قد قسمته إلى المباحث التالية:
المبحث الأول- أَغْرَاض اَلْقِصَّة في القرآن الكريم
المبحث الثاني- قصة المال والعلم وتأثيرهما في النفس الإنسانية
المبحث الثالث-تحليل القصة وتفصيلها، وفيه ثلاثة مطالب
المطلب الأول- بغيه على قوم موسى واغتراره بماله
المطلب الثاني- بعض مظاهر بغي قارون وكبريائه
المطلب الثالث- محل الجزاء ومقداره والعبرة من قصة قارون
المبحث الثالث- توجيهات عامة من القصة
المبحث الرابع-ومضات من أقوال المفسرين
وقد ذكرت شرح المفردات، ومناسبة الآيات، وتفسير الآيات، والدروس والعبر المستقاة من الآيات بشكل مفصل، ووشيته بعديد من الأحاديث النبوية التي توضح ذلك وتؤيده، وقمت بتخريجها بشكل مختصر والحكم عليها، وذكرت المصادر بهامش كل موضوع.
وفيه جمع بين الأساليب القديمة والحديثة، في فهم قصص القرآن، وأخذ الدروس والعبر منها.
ولم أخرج عن قواعد التفسير وأصوله في الموضوع.
فإن أصبت فمن الله، وله الفضل والمنة، وإن أخطأت فمن تقصيري، وأستغفر الله.
قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (3) سورة يوسف.
أسأل الله تعالى أن ينفع كاتبه، وقارئه وناشره والدالُّ عليه في الدارين.
جمعه وأعده
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
12 ربيع الأول 1430 هـ الموافق ل 9/ 3/2009 م
ـــــــــــ
(1) - صحيح البخارى (5027)
(2) -انظر التحرير والتنوير - (1/ 36)
(3) - انظر: التفسير الواضح - (1/ 1105)،التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (2/ 430)،التفسير الحديث 1 - 10 لدروزة - (1/ 2171)
ـ[كاتب]ــــــــ[11 - 03 - 09, 03:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ونفع بكم ...
ـ[علي 56]ــــــــ[11 - 03 - 09, 03:54 م]ـ
وأنت أخي الحبيب
جزاك الله خيرا ونفع بك البلاد والعباد
ـ[بوطرنيخ]ــــــــ[12 - 03 - 09, 01:14 ص]ـ
بارك الله فيك على هذا العطاء غير المنقطع و سدد خطاك
ـ[علي 56]ــــــــ[12 - 03 - 09, 01:17 ص]ـ
وأنت أخي الحبيب
بارك الله بك