تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَللهِ دَرُّ شَيْخِ الإِسْلامِ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ الْمِصْرِيِّ حَيْثُ يَقُولُ: «وَالْحَكِيمُ مَنْ يُقِرُّ الأُمُورَ فِى نِصَابِهَا، وَيُعْطِي كُلَّ طَبَقَةٍ مَا لا يَلِيقُ إِلاَّ بِهَا. وَأَمَّا السَّهْوُ وَالْغَلَطُ فَمَا أَمْكَنَ تَأْوِيلَهُ عَلَى شَيْئٍ يُتَأَوَّلُ، وَمَا وُجِدَ سَبِيْلٌ وَاضِحٌ إِلَى تَوْجِيهِهِ حُمِلَ عَلَى أَحْسَنِ مَحْمَلٍ، وَمَا اسْتَدَّتْ فِيهِ الطُّرُقُ الْوَاضِحَةُ، وَتُؤُمِّلَتْ أَسْبَابُ حُسْنِهِ أَوْ صِحَّتُهُ فَلَمْ تَكُنْ لائِحَةً، فَلَسْنَا نَدَّعِي لِغَيْرِ مَعْصُومٍ عِصْمَةً، وَلا نَتَكَلَّفُ تَقْدِيرَ مَا نَعْتَقِدُهُ غَلَطَاً بِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَجُ وَصْمَةٍ، فَالْحَقُّ أَوْلَى مَا رُفِعَ عَلَمُهُ، وَرُوعِيتْ ذِمَمُهُ، وَوُفِّيتْ مِنَ الْعِنَايَةِ قِسَمُهُ، وَأَقْسَمُ الْمُحَقِّقُ أَنْ لا يَعَافَهُ فَبَرَّ قَسَمُهُ، وَعَزَمَ النَّاظِرُ أَنْ يَلْزَمَ مَوْقَفَهُ فَثَبَتَتْ قَدَمُهُ. وَلَكِنْ لا نَجْعَلُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى تَرْكِ الصَّوَابِ الْجَمِّ، وَلا نَسْتَحِلُّ أَنْ نُقِيمَ فِى حَقِّ الْمُصَنِّفِ شَيْئَاً إلَى ارْتِكَابِ مَرْكِبِ الذَّمِّ، وَالذَّنْبُ الْوَاحِدُ لا يُهْجَرُ لَهُ الْحَبِيبُ، وَالرَّوْضَةُ الْحَسْنَاءُ لا تُتْرَكُ لِمَوْضِعِ قَبْرٍ جَدِيبٍ، وَالْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيْئَاتِ، وَتَرْكُ الْمَصَالِحِ الرَّاجِحَةِ لِلْمَفَاسِدِ الْمَرْجُوحَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَبَاآتِ، وَالْكَلامُ يُعَضِّدُ بَعْضُهُ بَعْضَا، وَمَنْ أَسْخَطَهُ تَقْصِيْرٌ يَسِيْرٌ فَسَيَقِفُ عَلَى إِحْسَانٍ كَبِيْرٍ فَيَرْضَى.

وَلَوْ ذَهَبْنَا نَتْرُكُ كُلِّ كِتَابٍ وَقَعَ فِيهِ غَلَطٌ، أَوْ فَرَطَ مِنْ مُصَنِّفِهِ سَهْوٌ أَوْ سَقَطٌ، لِضَاقَ عَلَيْنَا الْمَجَالُ، وَقَصَرَ السِّجَالُ، وَجَحَدْنَا فَضَائِلَ الرِّجَالِ، وَفَاتَنَا فَوَائِدُ تُكَاثِرُ عَدِيدَ الْحَصَا، وَفَقَدْنَا عَوَائِدَ هِيَ أَجْدَى عَلَيْنَا مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا. وَلَقَدْ نَفَعَ اللهُ الأُمَّةَ بِكُتُبٍ طَارَتْ كُلَّ مَطَارٍ، وَجَازَتْ أَجْوَازَ الْفَلَواتِ وَأثبَاج الْبِحَارِ، وَمَا فِيهَا إِلاَّ مَا وَقَعَ فِيهِ عَيْبٌ، وَعُرِفَ مِنْهُ غَلَطٌ بِغَيْرِ شَكٍّ وَلا رَيْبٍ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ النَّاسُ سَبَبَاً لِرَفْضِهَا وَهَجْرِهَا، وَلا تَوَقَّفُوا عَنِ الاسْتِضَاءةِ بِأَنْوَارِ الْهِدَايَةِ مِنْ أُفُقِ فَجْرِهَا» اهـ.

وَلا أَدْرِي بَيْنَ يَدَيْ كَلامِ شَيْخُ الإِسْلامِ مَاذَا أَقُولُ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَوْ بَسْطُ مَعَانِيهِ هَذَرٌ أَوْ فُضُولُ، وَلَقَدْ نَفَعَ اللهُ تعالَى بِهِ أَقْوَامَاً، فَكَانُوا فِى الْعِلْمِ سَادَّةً، وَلِلأَدَبِ حَافِظِينَ، وَسَيَنْفَعُ بِهِ إِنْ شَاءَ آخَرِينَ، فَيُدْرِكُونَ سَبِيلَ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ.

وَلا يُمْكِنُنِيَ الْقَطْعَ بِعَدَدِ الأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي احْتَوَاهَا هَذَا الْكِتَابُ الْفَذُّ، خَاصَّةً وَأَنَا أَنْظُرُهَ بِعَيْنِ النَّاقِدِ الْبَصِيْرِ، الْمُعْجَبِ بِدَقَائِقِ الانْتِقَاءِ وَبَرَاعَةِ التَّقْرِيرِ، سِيَّمَا وَقَدْ خَالَفْتُ الْكَثِيْرِينَ مِمَّنْ يَجْزِمُونَ بِتَضْعِيفِ أَحَادِيثَ صَحَّحَهَا الْفُحُولُ الرُّفَعَاءُ، وَالأَئِمَّةُ النُّبَلاءُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالْمَقْدِسِيُّ، وَقَوَّاهَا أَمَاثِلُ الْحُفَّاظِ: النَّوَوِيُّ، وَمُغَلْطَاي، وَالزَّيْلَعِيُّ، وَابْنُ الْمُلَقِّنِ، وَابْنُ حَجَرٍ، وَذَلِكَ مَصِيْرَاً مِنَ الْمُضَعِّفِينَ إِلَى تَقْلِيدِ الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِيمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ فِى «سِلْسِلَتِهِ الضَّعِيفَةِ» أَوْ «ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ» أَوْ «إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ»، وَنَحْوِهَا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير