المعروف عندهم بالكذب في الشيعة أكثر منهم في جميع الطوائف .. ".
وقال أيضاً في (المنهاج) (7/ 34 - 35):" أنَّا نذكر قاعدة فنقول: المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجعُ في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث، كما نرجعُ إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك، فلكل علمٍ رجالٌ يُعرفون به، والعلماء بالحديث أجلُّ هؤلاء قدراً، وأعظهم صدقاً، وأعلاهم منزلةً وأكثر ديناً.
وهم من أعظم الناس صدقاً وأمانةً، وعلماً وخبرةً، فيما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل: مالك وشعبة وسفيان ويحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن مهدي وابن المبارك ووكيع والشافعي وأحمد وإسحاق ابن راهويه وأبي عبيد و ابن معين وابن المديني والبخاري ومسلم وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والعجلي وأبي أحمد بن عدي وأبي حاتم البستي والدارقطني وأمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم، من أهل العلم بالجرح والتعديل، وإنْ كان بعضهم أعلم بذلك من بعض، وبعضهم أعدل من بعض في وزن كلامه، كما أنَّ الناس في سائر العلوم كذلك .. ".
8/ قال الحافظ مؤرخ الإسلام أحمد بن عثمان الذهبي:" الإمام الحافظ الأوحد الزاهد " (سير أعلام النبلاء) (12/ 505)، وقال في (تذكرة الحفاظ) (2/ 560):" الإمام الحافظ القدوة".
9/ قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي:" كان إماماً، حافظاً، قدوة، من المتقنين وكان يعد كأحمد ابن حنبل ويحيى بن معين " (شذرات الذهب) (3/ 266).
ج/ مكانة كتابه في الجرح والتعديل عند أهل العلم:
إن كتاب الحافظ العجلي المؤلف في الجرح والتعديل من أعظم مؤلفاته، وهو كتاب عظيم النفع، جليل القدر، متين العبارة، مفيد في بابه.
وسبق من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ما يدلُّ على عظم الكتاب والكاتب، وأزيدُ أقوالاً أخرى عن غيره:
1/ قال الحافظ الذهبي- رحمه الله-:" حدث عنه ولده صالح مصنَّفه في الجرح والتعديل، وهو كتابٌ مفيدٌ، يدلُّ على سعة حفظه" (تذكرة الحفاظ) (2/ 560 - 561).
2/ وقال أيضاً في (السير) (12/ 506):" وله مصنَّفٌ في الجرح والتعديل، طالعتُه وعلَّقتُ منه فوائد، يدل على تبحره بالصَّنعةِ وسعة حفظه".
3/ قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي:" وكتابه في الجرح والتعديل يدلُّ على سعة حفظه وقوَّة باعه الطويل" (شذرات الذهب) (2/ 141).
4/ قال الصفدي في (الوافي بالوفيات) (7/ 79):" روى عنه ابنه صالح بن أحمد كتابه في الجرح والتعديل، وهوكتابٌ مفيدٌ يدلُّ على إمامته وسعة حفظه".
فهذه بعض النقول مما قيل في الإمام العجلي وكتابه، ومنها يظهر لك جلياً مكانته رحمه الله في هذا الفنِّ الشريف وتقدمه بين أهله، وأنَّه من كبار النقاد وعلماء الجرح والتعديل، ومنزلة كتابه وأهمتيه.
ثانياً: هل الحافظ العجلي متساهل؟
و قبل الجواب عن هذه الفقرة، يقال:
أ/ هل وصفَ أحدٌ من الحفاظ العجليَّ بالتساهل في التوثيق أم لا؟
فأقول جواباً: لم أجد أحداً من أهل العلم من الحفاظ قد وصف الحافظ العجلي بالتساهل أو أنه لا يعتمد على توثيقه إذا انفرد بتوثيق راو لم نجد فيه قولاً لغيره.
بل إنَّ الناظر والمتأمل بإنصافٍ فيما تقدَّم نقله عن بعض أهل العلم- وفي ترجمته المطولة- ما يدلُّ على الثناء عليه وأنَّه إمامٌ من أئمة النقد، ومن كبار الحفاظ مع الدين المتين والورع والزهد، وهو يقارن بأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وهما من أئمة أهل السنة وحفاظ الدنيا، وذلكم الثناء ثبت واستمر وظلَّ حتى العصور المتأخرة كعصر الإمام الذهبي وابن ناصر الدين وغيرهما، فلم يصمه أحدٌ منهم بالتساهل.
لكن حصل في العصر الحاضر مَنْ وصف الأمام العجلي بالتساهل، وأول مَنْ وجدتُه يصفه بذلك هو:
1/ العلامة المحدث ذهبي العصر عبدالرحمن بن يحيى المعلمي –رحمه الله- (ت1386هـ) فقال في (التنكيل) (1/ 66):" و العجلي قريب منه- أي ابن حبان- في توثيق المجاهيل من القدماء"، و قال في (الأنوار الكاشفة) (ص72):" وتوثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان أو أوسع".
¥