تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[معاذ الطالب]ــــــــ[12 - 05 - 09, 04:34 ص]ـ

بالمناسبة بينما أنا أتصفح كتاب سيرة عمر بن عبد العزيز الذي يقع في 1716 صفحة عثرت على هذه القصيدة الجميلة المؤثرة التي يعظ فيها الشاعر سابق البربري عمر بن عبد العزيز,

فبحث عنها في الموسوعة الشعرية 2009 التي تضم ما يُقارب من 3 مليون بيت فوجدتها منسقة ومشكولو بطريقة أفضل مما هي عليه في الكتاب

قال سابق البربري قصيدة طويلة فيها مواعظ وحكم، تأثر بها عمر بن عبد العزيز تأثراً بالغاً. وهي:

****************

باسم الذي أُنزِلت من عِندِه السُّوَرُ ... والحَمدُ للَّهِ أمَّا بَعدُ يا عُمَرُ

إن كنتَ تَعلَمُ ما تأتي وما تَذَر ... فَكُن على حَذر قد يَنفَعُ الحَذَرُ

واصبِر على القَدَرِ المَجلُوبِ وارضَ به ... وإن أتاك بِمَا لا تَشتَهِي القَدَرُ

فَما صَفا لامرِئٍ عَيشٌ يُسَرُّ به ... إلا سيتبَعُ يوما صَفوَه كَدَرُ

واستَخبِرِ الناسَ عمّا أنت جَاهِلُه ... إذا عَمِيتَ فقد يَجلو العَمَى البَصَرُ

قَد يَرعَوِي المرءُ يوما بعد هَفوَته ... وتحكُم الجاهلَ الأيامُ والعِبَرُ

إن التُّقَى خَيرُ زادٍ أنت حامِلُهُ ... والبرُّ أفضلُ شيءٍ نَالَه بَشَرُ

مَن يَطلُبِ الجَورَ لا يَظفَر بحاجَتهِ ... وطالِبُ الحقِّ قد يُهدَى له الظَّفَرُ

وفي الهُدَى عِبَرٌ تَشفَى القلوبُ بها ... كالغَيثِ يَنضِرُ عن وَسمِيِّه الشَّجَرُ

وليسَ ذُو العِلم بالتَّقوى كَجاهِلِها ... ولا البَصيرُ كأعمَى ما له بَصَرُ

والرُّشدُ نافلةٌ تُهدَى لصاحِبِها ... والغَيُّ يُكرَه منه الوِردُ والصَّدَرُ

قد يُوبِقُ المرءَ أمرٌ وهو يَحقِره ... والشيءُ يا نَفسُ يَنمَى وهو يُحتَقَرُ

ورُبَّما جاءني ما لا أؤملُه ... وربَّما فاتَ مأمُول ومُنتَظَرُ

لا يُشبِعُ النفسَ شيءٌ حين تُحرِزُهُ ... ولا يزالُ لها في غَيرِه وَطَرُ

ولا تزالُ وإن كَانت لها سَعَةٌ ... لَهَا إلى الشيءِ لم تَظفَر به نَظَرُ

وكلُّ شيءٍ له حالٌ يغيِّرُهُ ... كما تُغَيِّرُ لونَ اللمّةِ الغِيَرُ

والذِّكرُ فيه حَيَاةٌ لِلقُلُوبِ كما ... يُحيِي البِلادَ إذا ما ماتَت المَطَرُ

والعِلمُ يَجلُو العَمَى عن قلبِ صاحبِه ... كما يُجلي سوادَ الظُّلمةِ القَمَرُ

لا ينفعُ الذِّكرُ قَلباً قَاسِياً أبدَاً ... وهَل يَلِينُ لِقَولِ الوَاعِظِ الحَجَرُ

والمَوتُ جِسرٌ لِمَن يَمشِي على قَدَم ... إلى الأمور التي تُخشَى وتُنتَظَرُ

فهم يَمُرُّونَ أفواجاً وتَجمَعُهم ... دَارٌ إليها يَصيرُ البَدوُ والحَضَرُ

مَن كَان في مَعقِل للحِزرِ أسلَمَه ... أو كانَ في خَمرٍ لم يُنجِه خَمَرُ

حتَّى مَتَى أنَا في الدُّنيا أخو كلَفٍ ... في الخدِّ مني إلى لَذَّاتِها صَعَرُ

وَلا أرى أثَراً للذِّكرِ في جَسَدي ... والماءُ في الحَجَرِ القاسي لَهُ أثَرُ

لَو كَانَ يُسهِرُ عيني ذِكرُ آخرَتِي ... كَمَا يؤرِّقُني لِلعَاجِلِ السَّهَرُ

إذاً لَدَاويتُ قَلباً قد أضَرَّ بِهِ ... طُولُ السِّقَام ووهنُ العَظم يَنجَبرُ

ما يَلبَثُ الشيءُ أن يَبلَى إذا اختَلَفَت ... يَوماً عَلَى نَقضِه الرَّوحَاتُ والبُكَرُ

والمَرءُ يَصعَدُ رَيعَانُ الشَبَابِ به ... وكُلُّ مُصعدَةٍ يَوماً ستَنحَدِرُ

وكلُّ بيتٍ خَرَاب بَعدَ جِدَّتِه ... ومن وراء الشبابِ المَوتُ والكِبَرُ

بَينَا يُرَى الغُصنُ لَدناً في أرومَتِه ... رَيَّانَ أضحَى حُطاماً جَوفُه نَخِرُ

كَم مِن جَمِيعٍ أشتَّ الدَّهرُ شَملَهُمُ ... وكلُّ شيءٍ جَمِيع سَوفَ يَنتَثِرُ

ورُبَّ أصيدَ سَامِي الطَّرفِ مُعتَصِب ... بالتَّاجِ نِيرَانُه لِلحَربِ تَستَعِرُ

يَظَلُّ يَفتَرِشُ الدِّيبَاجَ مُحتَجِبا ... عليه تُبنَى قِبَابُ المُلكِ والحُجَرُ

قد غادرتهُ المَنَايا وهو مُستَلَبُ ... مجَدَّلُ تَربُ الخدين مُنعَفِرُ

أبَعدَ آدمَ تَرجُونَ البَقَاءَ وَهَل ... تَبقَى فروعٌ لأَصلٍ حين يَنعَقِرُ

لهم بيوتٌ بِمُستَنّ السُّيولِ وهل ... يَبقَى على الماءِ بَيتٌ أُسُّه مَدَرُ

إلى الفَنَاءِ وإن طالت سَلامتُهم ... مَصيرُ كلِّ بَنِي أُنثَى وإن كَثُروا

إنَّ الأُمورَ إذا استقبلتَها اشتَبَهَت ... وفي تَدَبُّرِها التِّبيانُ والعِبَرُ

والمَرءُ ما عاشَ في الدنيا له أملُ ... إذا انقَضى سَفَر منا أتَى سَفَرُ

لَهَا حَلاوةُ عَيشٍ غَيرُ دَائِمَةٍ ... وفي العَوَاقِبِ مِنهَا المُرُّ والصَّبِرُ

إذا انقضت زُمَرٌ آجالُها نَزَلت ... على مَنَازِلِها مِن بَعدِها زُمَرُ

وليسَ يَزجُرُكم ما تُوعَظُونَ بِهِ ... والبَهمُ يَزجُرها الرَّاعِي فَتَنزَجِرُ

أصبَحتُمُ جَزَرا للموتِ يَقبِضُكم ... كما البَهَائمُ في الدنيا لها جَزَرُ

لا تَبطِروا واهجُروا الدنيا فإنَّ لها ... غِبَّا وَخِيما وكفرُ النعمةِ البَطَرُ

ثم اقتَدُوا بالأُلى كانوا لكم غُرَرا ... ولَيسَ من أُمَّةٍ إلا لها غُرَرُ

حتَّى تكونوا على مِنهَاجِ أوَّلِكُم ... وتَصبِروا عن هَوَى الدنيا كَما صَبَروا

ما لي أرى الناسَ والدنيا مُوَلِّيةٌ ... وكلُّ حَبلٍ عليها سوف يَنبَتِرُ

لا يَشعُرونَ بِمَا في دِينهم نَقَصُوا ... جَهلاً وإن نَقَصت دُنياهُمُ شَعَروا

مَن عاشَ أدرك في الأعداءِ بُغيَتَهُ ... ومَن يَمُت فَلَهُ الأيَّامُ تَنتَصِرُ

ما وقفت عليه أخي الكريم يعتبر كنزا ودرة وسط تاريخ الأمة الأدبي

القصيدة فعلا مؤثرة وجميلة وتحتوي على مجموعة من الحكم والمواعظ ...

فما رأيكم أن تستمعوا لها بصوت مؤثر وعذب، وأداء متزن متناسق ... !!؟؟؟

فقد كانت عندي في شريط بعنوان "ذكرى" ضمن مجموعة قصائد في الزهد من أداء

المقرئ الشيخ عبد العزيز الأحمد، وهذه القصيدة بالضبط وكما ذكرت من أروع ما كان في

الشريط، وهو الآن متوفر على الشبكة، وقد اقتطفت لكم منه هذه القصيدة كهدية عزيزة، تجدونها في المرفقات

أترككم مع قصيدة

كن على حذر من الدنيا

وشكرا للأخ أبو سلمى المغربي على هذه التحفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير