حمل كتاب تحقيق النصوص بين أخطاء المؤلفين وإصلاح الرواة والنسَّاخ والمحققين» للدكتور بشار عواد معر
ـ[أبو جعفر]ــــــــ[17 - 05 - 09, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن مما منَّ الله به علينا في المملكة الأردنية الهاشمية أن قطن فيها مؤخراً علامة العراق ومحدثها بلا منازع شيخنا الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف - حفظه الله تعالى ومتعنا بصحته وعلمه - فكان أن درسنا عليه مقدماته العلمية التي صدَّر بها تحقيقاته لكتب السنة النبوية المطهرة، وكذلك بعض كتبه الأخرى وبالأخص تلك الكتب التي تتعلق بتحقيق النص وضبطه، والتي كان آخرها تأليفاً كتابه الرائع الماتع: «تحقيق النصوص بين أخطاء المؤلفين وإصلاح الرواة والنسَّاخ والمحققين»، الذي انصب عمله فيه على آفة من آفات التحقيق أصابت بعض كتب التراث؛ ألا وهي: آفة التصحيح والتقويم من محققيها دون الإشارة إلى هذا التصحيح أوالتقويم، مما أوقع الناس في الإرباك، وأوقع بعض الباحثين في الخلط والغلط، مما ترتب عليه مفاسد كبيرة فيما بعد؛ منها:
1 - أن ما أثبته المؤلف قد يكون له وجه من الصواب، بل قد يكون هو الصوابَ بعينه؛ وما تم تصحيحه هو الخطأ، فيكون المحقق أو المصحح أو الناسخ قد صحح ما ظنه صواباً، وهو في الحقيقة خطأً أثبت.
2 - أن يقوم بعض العلماء من أقران المؤلف أو من تلامذته بالرد عليه في كتبهم أو في كتب مستقلَّة فيما كان قد أخطأ فيه، قبل أن يُطبع كتاب المؤلف، ثم يُطبع بعد ذلك مصححاً؛ فيظن بعض الناس أن الذين ردُّوا عليه قد أخطأوا في ردهم أو تجنوا على المؤلف اعتماداً منهم على النسخة المصححة، والحق والصواب أن التصحيح كان من غير المؤلف، ويكون المؤلف قد أخطأ فعلاً.
3 - أن ينقل بعض العلماء عن المؤلِّف في كتبهم كلامه بصوابه وخطإه، ثم ينسبوه للمؤلف؛ فإذا صحح المحقق أو الناسخ من كيسه، فسوف يؤدي ذلك إلى اتهام أؤلئك الذين نقلوا بأنهم إما نقلوا خطأً أو حرَّفوا أو صحَّفوا أو كانوا غير دقيقين في النقل.
4 - أن المؤلف قد يُحيل في كتبه الأخرى على كتابه هذا الذي كان قد صُحِّح عنه فيما بعد؛ فإذا رجعنا إلى ما أحالنا عليه، وجدنا تغايراً بين الكلامين؛ لأن الكلام قد صُحح الآن؛ فنقع في اللبس والحيرة نتيجة عدم إشارة المحقق أو الناسخ أو المصحح إلى ما صححه.
وقد تناول الأستاذ الدكتور في كتابه هذا - كما ستراه أخي القارئ قريباً - ثلاثة كتب من أعظم كتب التراث الإسلامي؛ وهي: موطأ الإمام مالك برواية يحيى الليثي، وتاريخ البخاري الكبير، وتقريب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني.
وكتاب شيخنا هذا، فضلاً عن أنه كتاب تضمن بياناً لما أصلحه النسَّاخ والرواة والمحققون من أخطاء المؤلفين السابقين، ونبَّه على ذلك تنبيهاً جلياً بالأمثلة العمليَّة الواضحة؛ فإن فيه بياناً لحقيقة الكتاب المسمى بـ: «كشف الإيهام لما تضمنه تحرير التقريب من الأوهام» للدكتور ماهر فحل، هذا الكتاب الذي كنَّا قد اطلعنا عليه من قبل وتعجبنا مما أورده الدكتور ماهر فحل على الدكتور بشار وعلى الشيخ شعيب الأرناؤوط؛ في كتابيهما: «تحرير تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني» وازداد العجب حينما كنا نتساءل: كيف وقعت كل هذه الأخطاء والتناقضات منهما – حفظهما الله -؟، وما هي إلا أيام قلائل حتى قدَّر الله تعالى أن درسنا على شيخنا الدكتور بشار كتابه الجديد المذكور سابقاً؛ فهالنا وأدهشنا ما حاول الدكتور ماهر فحل إلزامهما به، وتتبعناه شيئاً فشيئاً ومعلومة تلو معلومة، مع الرجوع لكتاب التحرير، ولكتاب تقريب التهذيب المكتوب بخط الحافظ ابن حجر العسقلاني، والغريب أن معلومة واحدة لم تسلم لماهر فحل!!.
¥