تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجهاد والهجرة والجماعة «" حديث صحيح رواه الترمذي وغيره".

السابعة: صيغة (فرض) وما تصرف منها، كقوله تعالى ?سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا? أي أوجبنا العمل بها، وفي الحديث عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? لما بعث معاذاً إلى اليمن قال» إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ... الحديث «.

الثامنة: المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى ?فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ? أي فاضربوا رقابهم، وعن أبي هريرة ? قال قال رسول الله ?» لن ينجي أحد منكم عمله ... الحديث «وفيه» والقصد القصد تبلغوا «"متفق عليه" فهذه بعض الصيغ التي يعرف بها الواجب والأمثلة على ذلك كثيرة وإنما المقصود الإشارة لبعض شواهدها والله تعالى أعلى وأعلم.

سـ13/ ما أقسام الواجب باعتبار الفاعل؟ مع بيان الفرق بينهما؟ وإيضاح ذلك بالتمثيل؟ وأيهما أفضل؟

جـ/ أقول: للواجب تقسيمات متعددة، ولكن السؤال هنا محصور في تقسيم الواجب باعتبار الفاعل، وقد قسم أهل العلم رحمهم الله تعالى الواجب باعتبار الفاعل إلى قسمين: واجب عيني وواجب كفائي، وعرفوا الواجب العيني: بأنه ما يتحتم أداؤه على كل مكلف، وعرفوا الواجب الكفائي: بأنه ما يتحتم أداؤه على بعض المكلفين، لا من كل فرد بحيث إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وسمي الواجب العيني عينياً لأنه نظر فيه إلى عين المكلف وذاته، أي نظر فيه إلى ذات كل مكلف بخصوصه، وسمي الواجب الكفائي كفائياً لأنه نظر فيه إلى حصول الكفاية أي أن بعض المكلفين اكتفى بفعل البعض، وأما الفرق بينهما فبيانه أن يقال: إن الواجب العيني يطلب من كل مكلفٍ، فلا تبرأ ذمة المكلف إلا إذا فعله هو بعينه فلو فعلته الدنيا كلها إلا هو، لم تبرأ ذمته لأن هذا الواجب متعلق بالعين، فلا يقوم به مكلف عن مكلف، بل لابد أن يقوم به كل مكلفٍ بعينه، وذلك كالصلاة المفروضة فإنها فرض عين على كل أحد بعينه وكصوم رمضان فإنه فرض عين على كل أحد، فلا يجزئ صوم أحدٍ عن أحد، وكصلة الأرحام فإنه لابد أن يقوم بها كل أحد له رحم بعينه فلا يقوم بها أحد عن أحد وهكذا فإذا كان الوجوب منصباً على كل أحدٍ بعينه فإن هذا يعرف بالواجب العيني أي أن النظر في الواجب العيني يكون لذات الفاعل، وأما الواجب الكفائي فإن النظر فيه يكون لتحقق الفعل، لا لذات الفاعلين، فإذا تحقق الفعل بالبعض سقطت المطالبة عن من لم يقم به، فلا يطلب أن يقوم به كل أحد بعينه كالجهاد إذا لم يكن النفير عاماً، فإنه إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وكالصلاة على الميت فإنه إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وكرد السلام فإن رده واجب كفائي فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وكتشميت العاطس فإنه واجب كفائي على القول الصحيح فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وكتغسيل الميت وتكفينه ودفنه فإنه واجب كفائي فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وكإنقاذ الغريق فإنه واجب كفائي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى وتعليم العلم الشرعي، هي من فروض الكفايات إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وكالأذان والإقامة فقد نص أهل العلم على أنهما من فروض الكفايات إذا قام من يكفي سقط الإثم عن الباقين وكتعلم الصناعات التي تحتاجها الأمة فإنها فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين والأمثلة على ذلك كثيرة، فالمطلوب في الواجب الكفائي وجود الفعل وتحققه فمتى ما وجد وتحقق كفى ذلك المقدار، ويدخل تحت ذلك مسألة تعلم العلم الشرعي، فإن تعلم العلم الذي تتوقف عليه صحة العقيدة والعبادة فرض عين على كل أحد، لأن تصحيح العقيدة والعبادة واجب، ولا يتم إلا بطلب ذلك النوع من العلم وقد تقرر أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما زاد على هذا المقدار فإنه فرض كفاية بالنظر إلى عموم الأمة وسنة بالنظر إلى الأفراد فطلب العلم منه ما هو فريضة عينية ومنه ما هو فرض كفائي ومنه ما هو سنة فهذا بالنسبة للأقسام وإيضاح الفرق بالأمثلة وأما قوله (وأيهما أفضل) فالجواب أن يقال: اختلف أهل العلم في ذلك والقول الصحيح إن شاء الله تعالى أن فرض العين أفضل من فرض الكفاية، وذلك لأن الشارع لم يكتف فيه بفعل البعض، بل طلبه من الكل وهذا يدل على أفضليته وأهميته، وأما فرض الكفاية فإنه لم يطلب من الكل وإنما طلب من البعض فقط، فلأن فرض العين طلب من الكل فيكون بذلك أفضل, وهناك علة أخرى أيضاً وهي أن يقال إن المشقة الحاصلة بفرض العين أكبر من المشقة الحاصلة بفرض الكفاية، ففرض العين أشق من فرض الكفاية فالأجر فيه أكبر وأكثر ويدل على ذلك أيضاً أن كثيراً من أهل العلم ذكروا أنه إذا تعارض واجبان وكان أحدهما من واجبات العين والآخر من واجبات الكفاية، فإن واجب العين مقدم على واجب الكفاية، لأن حسنته أكبر واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير