تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:33 م]ـ

سـ29/ ما القاعدة فيما لا يتم الحرام إلا به مع توضيحها بالأمثلة؟

جـ / أقول: القاعدة في ذلك تقول (ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام) وهناك قاعدة أخرى قريبة منها تقول (ما لا يتم ترك الحرام إلا به فتركه واجب) وبيانها أن يقال: إن المتقرر في العقول والقلوب بالأدلة المتواترة أن الشريعة كاملة، وإن من أوجه كمالها أنها إذا حرمت شيئاً فإنها تمنع جميع الوسائل والطرق المفضية إليه، أي أن الشريعة إذا حرمت شيئاً فإنها تحميه بحمىً، وهو تحريم كل الأشياء التي تؤدي إليه فلا يمكن أبداً أن تحرم شيئاًَ ثم تجيز سلوك الطريق المؤدية إليه، هذا ما لا يكون أبداً، ومن استقرأ أدلة الشريعة في هذه المسألة علم العلم اليقيني صحة هذه القاعدة، فوسائل الحرام حرام، وجميع الأشياء التي يؤدي سلوكها إلى الوقوع في الحرام فهي حرام حتى وإن لم تذكر بالتحريم بعينها، فيكفي في تحريمها أنها تفضي إلى الممنوع شرعاً، وما أفضى بصاحبه إلى الممنوع فهو ممنوع وما أفضى إلى الحرام فهو حرام، وهذا ما نعتقده وندين الله تعالى به، وأضرب لك مثالاً واحداً قبل الدخول في الاستدلال على هذه القاعدة، فأقول: إن الأدلة الواضحات والنصوص المتواترات دلت على تحريم الزنا، فكان ذلك يقتضي أن تسد الشريعة جميع الطرق المفضية إليه، فجاءت الأدلة بتحريم جميع الوسائل التي تؤدي إليه فحرمت النظر للمرأة الأجنبية وحرمت الخلوة بها وحرمت سفر المرأة بلا محرم وحرمت الاختلاط وأوجبت المباعدة بين الرجال والنساء وجعلت صفوف النساء متأخرة عن صفوف الرجال، بل وجعلت خير صفوف النساء آخرها إذا صلوا مع الرجال في موضع واحد، وأمرت النساء أن لا يرفعن رؤوسهن من السجود قبل الرجال وأمرت الرجال أن يبقوا في المسجد قليلاً حتى يخرج النساء إلى بيوتهن، وحرمت مصافحة الأجنبية وحرمت على المرأة أن تخضع بالقول حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، وحرمت إفضاء المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد، وإفضاء الرجل للرجل في الثوب الواحد وحرمت على الزوجة وصف امرأة أخرى لزوجها وحرمت التبرج والسفور وأوجبت العقوبة على المرأة الكاسية العارية المائلة المميلة التي تلبس ما يوجب الافتتان بها وتسرح شعرها بما يوجب الافتتان بها، وأوجبت ستر العورة على الجنسين وغلظت في عورة المرأة فالمرأة في الشرع كلها عورة أي في باب النظر، وذمت كثرة خروج المرأة من بيتها وهي الموصوفة بأنها الخراجة الولاجة، وغير ذلك، كل هذه الطرق سدت وأحكم إغلاقها لأنها سبل تفضي إلى الوقوع في الفاحشة وهذا من كمال الشريعة، فهذا هو ما نعنيه بقولنا (ما أفضى إلى الحرام فهو حرام) وهو ما نعنيه بقولنا (ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام) ولعل القاعدة بهذا المثال قد اتضحت وأما الأدلة عليها كثيرة جداً وأذكر لك طرفاً صالحاً منها فأقول:

منها: قوله تعالى ?وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ? ووجه الاستشهاد بذلك أن الله تعالى حرم على المرأة أن تضرب برجلها الأرض ضرباً زائداً عن العادة والعلة في هذا التحريم حتى لا يعلم الرجال الأجانب ما تخفيه في رجلها من الزينة من جمال القدم وبياض الساق وما عليه من الحلي كالخلخال ونحوه، وكل ذلك حتى لا يفتتن الرجال بها، فيقع المحظور، فلما كان افتتان الرجل بالأجنبية محرم وكان من طرق هذا الافتتان ضرب المرأة برجلها الأرض حتى يبين ما تخفيه في رجلها من الزينة سدت الشريعة هذه الطرق بالتحريم الأكيد عن هذا الضرب فصار الضرب حراماً لأنه يفضي للحرام وما أفضى إلى الممنوع فهو ممنوع ووسائل الحرام حرام وما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير