تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: القول الصحيح تحريم العينة لحديث ابن عمر مرفوعاً» إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ... الحديث «وهو حديث صحيح بمجموع طرقه، وصورتها أن تبيع سلعة بثمن مؤجل زائد ثم تعود فتشتريها بثمن حالٍ ناقص، وعلة تحريمها أنها باب من أبواب الربا، ولا يتم الربا في هذا العقد إلا بالشراء الثاني فصار الشراء الثاني حراماً لأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام، والله أعلم.

ومنها: أن الإطراء الزائد عن الحد حرام لأنه يفضي إلى تعظيم الممدوح التعظيم الزائد عن الحد وقد يصل بصاحبه إلى مراتب من الشرك الأكبر، فلأنه يفضي إلى ذلك فيكون حراماً لأن تعظيم الغير التعظيم المفضي إلى عبادته إنما يكون بالإطراء الخارج عن المشروع فيكون حراماً لأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام وعلى ذلك حديث» لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله «وقد أمر النبي ? الممدوح أن يحثو التراب في وجه مادحه، كما في حديث» احثوا في وجوه المادحين التراب «أو كما قال ? والله أعلى وأعلم.

ومنها: أن ترك الأكل من الميتة في حالة الاضطرار إليه حرام لأنه يفضي إلى تلف النفس والتسبب في إتلافها حرام ولا يتم هذا الحرام الذي هو تلف النفس إلا بترك الأكل فيكون تركه حراماً لأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام والله أعلم.

ومنها: أن السهر الزائد عن الحد، والذي يفضي بصاحبه على تفويت صلاة الفجر حرام وتركه واجب، ذلك لأن تفويت صلاة الفجر حرام ولا يتم ذلك إلا بهذا السهر الزائد عن الحد فيكون حراماً لأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام والله أعلم.

ومنها: من المعلوم أن من مقاصد الشريعة حفظ النسل والعرض، وكل طريق فيه انتهاك لحرمة هذا المقصد العظيم فلا بد من سده، ومن هذه الطرق اختلاط الأنساب بعضها ببعض، ومن صور اختلاط الأنساب أن يدعي الإنسان لغير أبيه وهو يعلم ذلك فاختلاط الأنساب محرم ولا يتم ذلك إلا بهذا الادعاء الفاجر الآثم فيكون حراماً لأن ما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام، على ذلك حديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله ?» من أدعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام «"متفق عليه" وعن أبي هريرة ? قال قال رسول الله ?» لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فقد كفر «"متفق عليه" فهذه عشرة فروع من باب التمثيل فقط والله أعلى وأعلم.

****

سـ30/ ما مذهب أهل السنة في المحرم المخير؟ وما دليل هذا المذهب؟ ومن القائلون بخلاف ذلك؟ مع بيان مذهب أهل السنة بالتفريع عليه؟

جـ/ أقول: هذه المسألة تسمى بمسألة الحرام المخير، وبيانها أن يقال: إن المحرمات باعتبار التعيين والتخيير قسمان، محرمات معينة، أي هي حرام بعينها دائماً سواءً ضمت مع غيرها أو أفردت عنه، فهي حرام على التأبيد كالميتة والسرقة والزنا وترك الصلاة وقطع الطريق وشرب الخمر ونحو ذلك فهذه محرمات بأعيانها ونسميها الحرام المعين، وأما القسم الثاني فهي محرمات لا بعينها وإنما اكتسبت التحريم بانضمامها إلى غيرها، أي أنها في ذاتها جائزة لكنها صارت حراماً لاقترانها بأمور أخرى، فهي حرام على جهة الاجتماع لا أنها حرام بالعين، إذا علمت هذا فاعلم أن مذهب أهل السنة هو إثبات الحرام المخير، وهو مذهب جماهير الأصوليين وليست هذه المسألة من أمهات المسائل التي يخرج من دائرة أهل السنة من خالف فيها وإنما هي من المسائل اليسيرة التي ليس الخلاف فيها بذاك، ولكن المعروف عن أهل السنة إثبات المحرم المخير، وقد خالفنا في ذلك المعتزلة، فإنهم ذهبوا إلى أنه ليس في الشريعة شيء اسمه حرام على التخيير، وهذا خطأ منهم ولا شك، والمهم عندنا هو القول الحق بدليله والحق هو ما قدمناه لك من أن المحرم لا بعينه أو المحرم المخير ثابت في الشرع وهو مذهب أهل السنة كما قدمته لك والدليل على ذلك العقل والقياس والوقوع، فإما العقل فبيانه أن يقال: إن السيد لو قال لعبده: إني أمنعك من خدمة زيد أو عمرو ولا أمنعك من خدمة أحدهما ولكن إذا خدمت أحدهما فإني أمنعك من خدمة الآخر، ولم يعين له الممنوع من خدمته وإنما ترك تعيين الممنوع لاختيار العبد، فإن هذا الكلام الصادر من السيد لا نظن أحداً من العقلاء ينكره، وعدم إنكاره من قبل العقلاء دليل على أنه كلام سائغ لا يتعارض مع العقل، فالعقل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير