تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو واجبة فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست براتبة لاسيما إذا داوم عليها الناس فينبغي تركها أحياناً فالفعل الواحد يستحب فعله تارة ويترك تارة أخرى بحسب المصالح) ا. هـ. كلامه رحمه الله تعالى, وخلاصة هذه الحالة أن يقال: أما الأمر الواجب فإنه لا يترك مطلقاً، وأما السنة الراتبة فإنها أيضاً لا تترك، وأما النوافل التي ليست براتبة فإنها تترك أحياناً إذا خيف من المداومة عليها ظن الآخرين بأنها تصف مصاف السنن الراتبة المؤكدة، أو تصف مصاف الواجبات، وكذلك إذا تطرف إلى ذهنه هو نفسه أنه يتآثم بتركها فالمستحب له ترك هذا الفعل أحياناً، وعلة ذلك سد ذريعة اعتقاد ما ليس بواجب واجباً، وسد ذريعة اعتقاد ما ليس بسنة راتبة بأنه سنة راتبة، وهذا مأخذ صحيح. وعلى ذلك فروع كثيرة أذكر لك بعضها:-

منها: تكرار تجديد الوضوء، فإن تكراره سنة لكن إذا خيف من ظن الجهال أن الوضوء لكل صلاة بلا حدث من الواجبات فإنه يستحب تركه أحياناً لبيان أنه ليس بواجب ففي صحيح مسلم من حديث بريدة ? أن النبي ? صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء ومسح على خفيه فقال عمر: يا رسول الله لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه فقال» عمداً صنعته يا عمر «والله أعلم.

ومنها: جلسة الاستراحة، فإنها وإن كانت سنة إلا أنها ليست من السنن الراتبة التي يحافظ عليها دائماً بل السنة أحياناً تركها، فإنها لم ترد إلا في حديث مالك بن الحويرث ? قال» رأيت النبي ? يصلي فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالساً «"رواه البخاري" قال ابن القيم رحمه الله تعالى (وإنما ذكرت - أي جلسة الاستراحة - في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث ولو كان هديه ? فعلها دائماًَ لذكرها كل من وصف صلاته ?) ا. هـ. مع أن أهل العلم اختلفوا في سنيتها أصلاً، لكن القول الصحيح هو أنها سنة من سنن الصلاة ولكن ومع القول بأنها من سنن الصلاة إلا أنها ليست من السنن المؤكدة فحيث كان الأمر كذلك فإن المستحب ترك هذه الجلسة أحياناً، حتى لا يظن الظان أنها من الواجبات أو يظن الظان أنها من السنن المؤكدة والله أعلم.

ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?» رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً «"حديث حسن" فهذه الركعات الأربع من النفل المطلق الذي ليس براتب، وقد سئل عنها أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فأفتى بأن المستحب تركها أحياناً، وهذه هو الصحيح إن شاء الله تعالى لأن ما ليس بسنةٍ راتبة سن تركه أحياناً، فالأفضل ترك هذه الركعات الأربع أحياناً حتى لا تصف مصاف السنن الراتبة فضلاً عن ظن اعتبارها من الواجبات والله أعلم.

ومنها: التنفل قبل المغرب، فإنه سنة ولكن ليس من السنن الراتبة المؤكدة لحديث» صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب «ثم قال في الثالثة» لمن شاء «"متفق عليه" ولكنها ليست من السنن الراتبة، فحيث كان الأمر كذلك فالمستحب تركها أحياناً لأن ما ليس بسنة راتبة فإنه يسن تركها أحياناً. واختاره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، وهذا الترك يقصد به التفريق بين السنة الراتبة والنفل المطلق والله ربنا أعلى وأعلم.

ومنها: التنفل بين الأذانين لحديث» بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة «ثم قال في الثالثة» لمن شاء «"متفق عليه" والصلاة بين الأذانين نوع من التنفل المطلق وليس هو من السنن المؤكدة الراتبة التي يحافظ عليها دائماً، وحيث كان الأمر كذلك فالمستحب للعبد أن يتركه أحياناً حتى يميز بهذا الترك بينه وبين النفل الراتب وحتى لا يظن الجهال أنه من الواجبات واختاره شيخ الإسلام أبو العباس رحمه الله تعالى والله أعلم.

ومنها: الجلوس على العقبين بين السجدتين فإنه من سنن الصلاة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن ابن عباس أنه لما سئل عن ذلك أجاب بقوله» تلك السنة «فقيل له: إنا لنراه جفاء بالرجل فقال» لا بل هو سنة نبيك «? ولكن هذه الهيئة بين السجدتين ليست من السنن الراتبة المؤكدة التي ينبغي المحافظة عليها في كل جلسة بين السجدتين وإنما يفعلها أحياناً ويتركها أحياناً، وهذا الترك لها أحياناً من السنن حتى لا تصف هذه السنة مصاف الواجبات ولا تصف مصاف السنن المؤكدة والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير