تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السلف كثيراً وغالباً يراد بها التحريم) وكذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى، وقد قدمنا لك ذلك بأدلته، وفروعه فارجع إليه إن شئت، وانتبه لقوله (امتثالاً) فإنها تفيد أن تارك المكروه لا يخلو من حالتين:- إما أن يتعبد لله تعالى بهذا الترك وإما أن لا يخطر بباله نية التعبد فإن كان تركه تعبداً لله تعالى وامتثالاً لنهيه فهو المأجور المثاب على هذا الترك، وأما من تركه لا بنية التعبد فإنه لا يثاب على هذا الترك، كما قدمنا ذلك في الحرام أيضاً وأما أمثلة المكروه فهي كثيرة فمنها الذكر في الخلاء والتلثم في الصلاة، وفرقعة الأصابع في الصلاة أو تشبيكها، وعقد الإحرام قبل الميقات، والإكثار من بلع الريق في نهار الصوم والالتفات في الصلاة - أعني الالتفات المتعمد الذي لا يبطل الصلاة - والأخذ بالشمال والإعطاء بها، والصلاة بلا سترة، والتخصر في الصلاة على مذهب الجمهور، والاستنجاء باليمين على مذهب الجمهور، ومس الذكر باليمين حال الاستنجاء على مذهب الجمهور، وانغماس الجنب في الماء الدائم الذي لا يجري على مذهب الجمهور، والأمثلة على ذلك كثيرة والله أعلم.

****

سـ44/ ما الأشياء التي يعرف بها المكروه؟ مع التمثيل عليها؟

جـ/ أقول:- الذي يحضرني منها عدة أشياء:-

الأول: صيغة النهي إذا ورد ما يصرفها إلى الكراهة، فالأصل في صيغة النهي التحريم ولكنها تنتقل من إفادة التحريم إلى إفادة الكراهة إذا وردت القرينة الصارفة.

ويمثل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث قتادة عن أنس ? أن رسول الله ?» نهى أن يشرب الرجل قائماً «فالأصل أن تحمل هذه الصيغة على التحريم لكن ورد لها صارف من التحريم إلى الكراهة التنزيهية، وذلك فيما رواه أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن مسعر بن كدام عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة أن علياً دعا بماءٍ فشربه وهو قائم ثم قال» إن رجالاً يكره أحدهم أن يفعل هذا وقد رأيت رسول الله ? يفعل مثل ما رأيتموني أفعله «"حديث صحيح ورواه البخاري أيضاً" وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:» أتيت النبي ? بدلوٍ من ماء زمزم فشرب وهو قائم «وكذا ثبت في صحيح مسلم» أن النبي ? شرب من شن معلقة وهو قائم «فشربه هذا يفيد أن نهيه الأول ليس على التحريم وإنما هو على الكراهة التنزيهية، فيستفاد من ذلك أن الشرب قائماً جائز مع الكراهة والله أعلم، ويمثل له أيضاً بما رواه الترمذي في جامعه قال: حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا سليمان التيمي، عن خداش عن أبي الزبير عن جابر ? قال: قال رسول الله ?» إذا استلقى أحدكم على ظهره فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى «"حديث صحيح" ففنه النهي من هذه الهيئة والأصل في النهي التحريم، ورواه مسلم أيضاً إلا أن النهي هنا ليس على بابه الذي هو التحريم وإنما هو للكراهة التنزيهية بدليل ما رواه الشيخان في صحيحهما من حديث عباد بن تميم عن عمه عبدالله بن زيد رضي الله» أنه رأى النبي ? مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى «والأصح في تخريج هذا أنه لبيان الجواز، فاضطجاعه هذا ? ووضعه أحدى رجليه على الأخرى دليل على أن نهيه الأول عن ذلك ليس على التحريم وإنما هو للكراهة التنزيهية فقط والله أعلم. ويمثل له أيضاً بالنهي عن كسب الحجام مع إعطائه ? أجرته لما حجمه، فعن أبي هريرة ? قال» نهى رسول الله ? عن كسب الحجام ... الحديث «وفي الحديث الآخر» وكسب الحجام خبيث «وقد ثبت في الصحيح» أن النبي ? احتجم وأعطى الحجام أجره «فعرفنا بذلك أن كسب الحجام مكروه، وذلك للجمع بين التحريم والإعطاء، فلما أعطاه النبي ? أجرته دل ذلك على أن النهي عن هذا الكسب ووصفه بالخبث لا يدل على التحريم المؤكد وإنما يفيد الكراهة التنزيهية ويمثل له أيضاً بحديث» نهى رسول الله ? أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعاً «فهذا النهي على بابه لحديث ابن عباس عند مسلم» أن النبي ? كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها «ولأصحاب السنن» اغتسل بعض أزواج النبي ? في جفنة فجاء يغتسل منها فقالت إني كنت جنباً فقال إن الماء لا يجنب «"حديث صحيح" فهذا الفعل صرف النهي الأول من التحريم إلى الكراهة والله أعلم، وعلى ذلك فقس، فأي نهي فإنه يفيد التحريم إلا إذا وردت قرينة تصرفه من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير