تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ? وهذه الآية في استئذان الأقارب بعضهم على بعض فأمر الله المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال من قبل صلاة الغداة لأن الناس إذ ذاك يكونون نياماً ومن الظهيرة لأنهم يضعون ثيابهم وهو وقت الراحة والقيلولة ومن بعد صلاة العشاء لأنه وقت النوم فيؤمر الخدم والأطفال أن لا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال لما يخشى أن يكون الرجل على أهله أو نحو ذلك من الأشغال الخاصة، ولكن في غير هذه الأحوال الثلاث فإنه لا إثم عليهم في الدخول بلا استئذان، فيجوز دخول المماليك والأطفال على ذويهم وأسيادهم بلا استئذان في غير هذه الأحوال الثلاث، ودليل الجواز نفي الجناح، ونفي الجناح دليل الحل, وقال تعالى ?وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ... الآية? وهذا يدل على أن العجوز الكبيرة الطاعنة في السن التي لم يبق لها شوق ولا تطلع للنكاح ولا يتطلع الرجال لمثلها فإنه يجوز لها أن تضع جلبابها، ورداءها، بشرط أن لا تضع على وجهها أي نوع من أنواع الزينة، واستعفافها بجلبابها ورداءها أفضل لها لكن إن أرادت وضعه في هذه الحالة فلها ذلك لأنه نفي عنها الجناح ونفي الجناح دليل الحل, وقال تعالى ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ? وهذه الآية أصل من أصول المؤآخذة بالخطأ، فمن فعل المحرم وهو مخطئ غير قاصد للمخالفة فلا جناح عليه، أي أن فعله هذا الذي صدر منه خطأ من غير قصد لا إثم فيه ولا يترتب عليه أي شيء إلا ما اقتضاه الضمان فقط، ومنه أخذنا اشتراط العلم والقصد للتأثيم، فلا تكليف إلا بعلم ولا تأثيم إلا بقصد وهذه قاعدة معتمدة قد شرحناها في مواضع أخر والله أعلم, فهذه بعض الأمثلة على هذه الصيغة وهي كثيرة ولكن كما ذكرت لك إن الأدلة هي نور الكتاب وجماله وبهاؤه وزينته وتاجه وحلاوته، فلا خير في كتاب خلا عن الدليل والله المستعان.

الخامسة: من الصيغ التي تعرف بها الإباحة التصريح بالإذن، كقوله تعالى?أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ? وقوله ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ?.

السادسة: التصريح بالمشيئة أي أن يرد الشارع الأمر إلى مشيئة الإنسان فيخيره بين الفعل والترك أو يخيره بين أنواع متعددة ويرد أمر التحديد إلى اختياره هو، فهذا دليل الحل، والأمثلة على ذلك كثيرة ونذكر لك طرفاً منها:- قال الترمذي في جامعه: حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الاسلمي سأل رسول الله ? عن الصوم في السفر؟ وكان يسرد الصوم فقال رسول الله ?» إن شئت فصم وإن شئت فأفطر «"حديث صحيح وأصله في الصحيح" وهو دليل جواز الأمرين في السفر, وعن جابر بن سمرة ? أن رجلاً سأل رسول الله ? أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال» إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ ... الحديث «"رواه مسلم" وهو دليل على جواز الوضوء من لحم الغنم وجواز الترك, فالأمران جائزان, وعن أنس ? في كتاب مقادير الزكاة وهو كتاب طويل وفيه» فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها «فهذا فيه دليل على جواز إخراج الزكاة من النصاب إذا كان ناقصاً، ومن غير وجوب بل الأمر على الجواز وفي الحديث أيضاً» فإن لم تكن إلا تسعين مئة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها «"رواه البخاري" فهذه بعض الأمثلة التوضيحية فقط.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير