تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حملوا كتابي ((صِفاتُ البيتِ المسْلِمِ -ط3 مزيدة ومعدلة للشاملة 3 +ورد +بي دي إف))

ـ[علي 56]ــــــــ[16 - 06 - 09, 02:52 ص]ـ

الطبعة الثالثة

1430هـ -2009 م

((بهانج - دار المعمور))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

من النعم العظيمة التي امتن الله تعالى بها على عباده نعمة البيوت , قال تعالى: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (80) سورة النحل.

وكان من دعاء امرأة فرعون أن يبني الله لها بيتاً عنده في الجنة قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (11) سورة التحريم.

فالبيت نعمةٌ لا يعرف قيمته وفضله إلا من فقده وعاش في ظلمات سجن أو في غربة أوفي فلاة، وفي البيت يجد المسلم راحته وهدوءَ باله، وفيه السكنُ والراحة والمودّة في خضمّ مشاكل الحياة. وطريق الفوز والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة لا يبدأ إلا بِصلاح البيوت وتربيتها على الإيمان والقرآن والذكر؛ لأن الخسارة ستكون فادحة وعظيمة يوم يخسر الإنسان أهله ويُضّيع من يعول: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} الزمر:15.

عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ جَابِرٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَتَاهُ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ: إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ هَذَا الشَّهْرَ هَا هُنَا يَعْنِى رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ مَا يَقُوتُهُمْ؟ فَقَالَ: لاَ. قَالَ: أَمَّا لاَ فَارْجِعْ فَدَعْ لَهُمْ مَا يَقُوتُهُمْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ». (1).

والبيتُ أمانةٌ يحملها الزوجان، ولا بدَّ أن يقيما أسسه على تقوى من الله وإيمان لأن البيت المؤمن السعيد هو البيتُ الذي جعل منهجه الإسلام قولاً وعملاً.

تلك النعمةُ التي لا يحسٌّ بها إلا مَن حُرمها، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِىَ لَهُ وَلاَ مُئْوِىَ» (2).

فهذه البيوت هي التي نستقرُّ بها، ونأوي إليها فتحمينا من الحرِّ والبرد , تلك البيوتُ التي نحسُّ فيها بمعنى السعادة والسكن والطمأنينة , تلك البيوتُ التي نحقق فيها معاني المودة والرحمة، تلك البيوتُ التي نجد فيها قرة الأعين من الزوجة والأولاد {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74) سورة الفرقان.

تلك البيوتُ التي نحقق فيها منهج استخلاف الله لنا في هذه الحياة.

إنَّ النعم إذا شُكرت قرَّتْ وإذا كُفرت فرَّت، فهل شكرنا الله تعالى على نعمة البيوت، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (7) سورة إبراهيم.

تأمل وانظر حولك ستجدْ أناسا لا يجدون سكناً يؤويهم ولا بيوتاً تضمُّهم كيف تكون حالهم؟ بل كيف حالُك وأنت تسكنُ في هذه البيوت الحديثة المزودة بكل وسائل الراحة والأمان فما أعظمها من نعمة!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير