تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حتى تعملوا بها، فإن مت فما أنا على صحبتكم بحريص. و أيضاً ذكر البخاري عن عمار بن ياسر رضي الله عنه و أرضاه أنه قال: ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان الإنصاف من نفسك، و الإنفاق على الإقتار، و بذل السلام للعالم. و لا يخفى حديث الرسول ?: " من أحب في الله، و أبغض في الله، و أعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان " لأن معظم أفعال الخير و ترك الشر راجع إلى الحب في الله و البغض في الله و أحاديث ذلك كثيرة.

قال: بضع و سبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله: سبق أنها من أركان الإسلام و هي أيضاً من الإيمان كما ذكر و كما بينا الاصطلاح الصحيح أنهما إذا افترقا اجتمعا و إذا اجتمعا افترقا فأعلاها قول لا إله إلا الله يعني أعلى الإيمان التوحيد.

و أدناها إماطة الأذى عن الطريق، و الحياء شعبة من الإيمان: فمثّل للإيمان بهذه يعني مثل لكل ركن من أركانه بخصلة فلا إله إلا الله ترجع إلى قول اللسان و إماطة الأذى ترجع إلى عمل الأركان و الحياء يرجع إلى عمل القلب و لهذا كما في البخاري مر الرسول ? على رجل يعظ أخاه في الحياء فقال: " دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير " "و الحياء من الإيمان " كما ورد أيضا و لهذا استدل البخاري على أن الحياء من الإيمان فمثّل لكل ركن بخصلة من خصاله لبيان أنه اعتقاد أو عمل القلب، و عمل الجوارح، و قول اللسان، فأعلاها قول لا إله إلا الله قول لا إله إلا الله يعني التوحيد هو أعلى الإيمان تحقيق التوحيد، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق يعني من أدنى خصال الإيمان أعلاها الإحسان مع الله و أدناها الإحسان مع الناس بل مع البهائم، و هناك خصال بين هذه و هذه خصال تقترب من العليا، و خصال تقترب من الدنيا، و خصال بين بين و هذا ما يدلنا على أن الإيمان يزيد و ينقص فتارة يزيد الإيمان بحسب تحقيق التوحيد حتى يكون في قلب صاحبه كالشمس الساطعة تحرق كل ما يقوم فيه من الشبهات و الشهوات نسأل الله لنا و لكم من فضله و إحسانه، و منهم من يبلغ الإيمان في قلبه كالكوكب الدري، و منهم كالمشعل العظيم، ومنهم كالسراج الوهاج، و منهم كالسراج الضعيف، و منهم كالشمعة الضعيفة، و منهم كالذرة و الخردلة و ليس وراء ذلك من الإيمان شيء إلا الكفر و النفاق و العياذ بالله فهو درجات و أقسام و خصال كما ذكر رسول الله عليه الصلاة و السلام، ومن الخصال من يزول الإيمان بزواله بالكلية بالإجماع مثل لا إله إلا الله من عدمت منه فقد عدم الإيمان بلا خلاف و منها من لا يزول الإيمان بزوالها بإجماع مثل إماطة الأذى عن الطريق، و منها ما هو مختلف فيه مثل الصلاة و بعض مسائل الحكم بغير ما أنزل الله و غير ذلك يعني منها ما يتأكد زواله، و منها ما لا يتأكد و المسألة تحتمل تفصيلاً كثيراً و خصال الإيمان كثيرة كل عمل من أعمال الطاعة راجع إلى شعبة من شعب الإيمان فأعلاها قول لا إله إلا الله، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق، و الحياء شعبة من الإيمان يعني شعبة كاملة.

لماذا كان الحياء شعبة؟

الحياء يعرفونه بأنه خلق باطني يبعث على فعل ما يزين و ترك ما يشين يبعث على فعل المليح و ترك القبيح و الحياء لا يكون حياء إلا إذا استحيا العبد من حسيبه و رقيبه قبل أن يستحييَ من الإنسان الذي هو مثله فالحياء من الله و الحياء من الناس شعبة من الإيمان كما قال ?: " إن الحياء لا يأتي إلا بخير " و لماذا كان شعبة من الإيمان؟

لأن الحياء إذا تحقق في القلب حمل على ترك كل القبائح و الإيمان عبارة عن فعل أو ترك فإذا حمله هذا الحياء على الترك فقد استكمل جزءاً كبيراً و شعبة عظيمة من الإيمان و هو خلق باطني من أفعال القلوب و أفعال القلوب كثيرة و إذا عرفت هذا فإن كثيراً من الناس حريص على تحقيق الخصال الظاهرة و يغيب عنه تحقيق الخصال الباطنة و ليعلم المسلم بأن هذا مطلوب و هذا مطلوب و هذا من السنة وهذا من السنة بل قد يكون لفعل القلوب أعظم مما لفعل الأبدان الظاهرة و الجميع مطلوب و لا يتهاون في شيء منه فكما إن اللحية من الإسلام و الإيمان و هي مطلوبة و لا يقبل بحال أن يتنقص منها و لا أن يهون من أمرها و كما أن الثوب كذلك مطلوب اتباع السنة فيه و هو من الإسلام و الإيمان و كما أن الشعر كذلك و كما أن البشرة كذلك و كما أن الظفر كذلك و كما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير