بالنذارة عن الشرك: الإنذار هو الإعلام بأمر مهم، أنذره أي أخبره بأمر مهم، أعلمه بأمر مهم و خطير.
بالنذارة عن الشرك: الشرك هو جعل شريك للمولى عز و جل في العبادة أو في الربوبية.
و يدعو إلى التوحيد الذي هو أول الواجبات.
و النذارة عن الشرك قبل الدعوة للتوحيد؛ لأن لا إله نفي قبل الإثبات، ثم إلا الله إثبات.
و تقدم أن أول ما يجب على العبد الكفر بالطاغوت و الإيمان بالله، فالكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله قبل أن تملأ قلبك بالتوحيد فرغه من الشرك.
شرح ثلاثة الأصول
لشيخ الإسلام الإمام المجدد
محمد بن عبد الوهاب
- رحمه الله تعالى -
للشيخ: محمد الفراج
- غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين -
(الشريط السادس)
الذين أسلموا في مكة مثل سهيل بن عمرو، و أيضاً أعطى أبا سفيان كذلك، هذا منه تألف عليه الصلاة و السلام، و أعطى العباس بن مرداس، و أعطى عيينة بن حصن و غيرهم من الأعراب و ترك الأنصار فوجدوا في أنفسهم فقال ?: " أما ترضون أن يذهب بالشاة و البعير و ترجعون برسول الله ? "، ثم ذكر فضائلهم و مناقبهم فما تركهم إلا لفضلهم فالحاصل أنه لما اجتمع مع الإسلام في الذكر فُسر هذا بكذا و هذا بكذا.
ثم قال: صدقت. و إفراده هنا قوله: و تؤمن بالقدر: كرر فعل تؤمن مع القدر وحده، تؤمن بالله، و ملائكته، و كتبه، و رسله، واليوم الآخر كلها بالعطف على نية تكرار العامل لكن هنا صرح بالعامل و تؤمن بالقدر خيره و شره قالوا: لأهمية القدر و عظمته؛ و لأنه سيأتي ممن ينتسب للإسلام من يتكلم في القدر يعني من أمة محمد ? من أهل القبلة، أما الأركان الأخرى الخمسة فلم يأت من يتكلم فيها أو يجادل، و الإيمان بالله يعني في الجملة بوجود الله عز و جل و ألوهيته و ما أشبه ذلك مما يتعلق به، لا ترى مؤمناً أو مسلماً من أهل القبلة يجادل في هذا صريحاً، و هكذا الملائكة، و الكتب، و الرسل، و اليوم الآخر لكن القدر جاء من يجادل مجادلة صريحة فلذلك صرح معه بذكر العامل.
قال: فأخبرني عن الإحسان: قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك و قد تقدم الكلام عن الإحسان و أنه غاية الإخلاص و غاية المتابعة كما قال ?: " عن الله كتب الإحسان على كل شيء " إلى آخر الحديث، و لكنه في باب العقائد يراد به غاية الإخلاص و التجرد و المراقبة بحيث يصير العبد كأنه يشاهد الله عز و جل بعين البصيرة و القلب لا بعين البصر كما قال:
إذا سكن الغدير على صفاء و جنب أن يحركه النسيم
كذاك قلوب أرباب التجلي يُرى في صفوها الله العظيم
يشف القلب و تزول الحجب و الموانع و يحلق في ملكوت و آفاق و رحاب العبادة حتى كأنه يرى الله عز و جل يشف القلب و يصقل حتى يصير كالصفا أبيض لا تضره فتنة، و لهذا جزاؤه أنه يرى يوم القيامة ربه بعين البصر كما رآه بعين البصير ?لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ?الإحسان? الْحُسْنَى وَزِيَادَة ٌ? أجمع العلماء و المفسرون أنها النظر إلى وجهه الكريم سبحانه و تعالى بعكس من رانت الشبهات و الشهوات و الحجب و الموانع و الآثام على قلبه فأصبح أسوداً مرباداً كالكوز مجخياً مثخناً بجراح سهام المعاصي و النظر و الآثام و الفسوق و أكل الحرام و ترك الطاعات فهذا جزاؤه كما حجب عن ربه في الدنيا أن يحجب بصره عنه يوم القيامة، كما قال عز و جل: ? كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ? نسأل الله العافية و السلامة من هذه الحال فهذا معنى الإحسان و قد تقدم كلام كثير حوله.
قال: فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني على كل حال فاستح من الله عز و جل أعظم مما يستحي الرقيب من رقيبه، و خف منه كذلك فإن الله يراك على كل حال أينما كنت و حيثما كنت فاتقه في الخلوة و الجلوة و الغيب و الشهادة، كما قال الله عز و جل: ? الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ?، و كما قال: ? إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ?، و كما قال: ? وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ?، و قال ?: "
¥