تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حملوا كتابي ((الأساليب النبوية في التعليم)) ط1 - للشاملة 3 +بي دي إف مفهرسا]

ـ[علي 56]ــــــــ[21 - 06 - 09, 12:01 م]ـ

الطبعة الأولى

1430 هـ - 2009 م

بهانج دار المعمور

((حقوق الطبع لكل مسلم))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

لقد أكد القرآن الكريم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلمٌ للناس والبشرية جميعاً، على أميته وصحراوية بيئته.

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (2) سورة الجمعة

وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} (79) سورة النساء.

وكذلك أثبتت السنة المطهرة أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلمٌ هادٍ بصير. فقد روى ابن ماجه في سننه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، وَيَدْعُونَ اللَّهَ، وَالأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، هَؤُلاَءِ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، وَيَدْعُونَ اللَّهَ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَهَؤُلاَءِ يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا , فَجَلَسَ مَعَهُمْ. (1)

إلى جانب ذلك أثبت التاريخ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان معلماً وأي معلم؟ فنظرة يسيرة إلى ما كانت عليه البشرية قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى ما آلت إليه البشرية بعد رسالته، تعطينا أوضح شاهد ودليل على ثبوت ذلك. فأي معلم من المربين تخرَّج على يديه عدد أوفر وأهدى من هذا الرسول الكريم، الذي تخرج من تحت يديه هؤلاء الأصحاب والأتباع؟ فكيف كانوا قبله؟ وكيف صاروا بعده؟!

إن كل واحد من هؤلاء الأصحاب دليلٌ ناطق على عِظم هذا المعلم المربي الفريد الأوحد، وهذا يذكرنا بكلمة طيبة لبعض الجهابذة الأصوليين، يقول فيها: "لو لم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - معجزة إلا أصحابه، لكفوه لإثبات نبوته".

هذا المعلم للخير - صلى الله عليه وسلم - رغم أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، قد منحه الله تعالى العلم الذي لا يدانيه أحد من البشر، وأتم عليه النعمة بما آتاه من شخصية فذة جامعة فريدة، وامتن عليه بقوله سبحانه: {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (113) سورة النساء.

فنهض - صلى الله عليه وسلم - ينشر العلم في الناس ويذيعه بينهم، وكان بحق المعلم الأول للخير في هذه الدنيا، في جمال بيانه، وفصاحة لسانه، ونصاعة منطقه، وحلاوة أسلوبه، ولطف إشارته، وإشراق روحه، ورحابة صدره، ورقة قلبه، ووفرة حنانه وحكيم شدته، وعظيم انتباهه، وسمو ذكائه، وبالغ عنايته، وكثير رفقه بالناس، حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا".

ولقد حذر هذا المعلِّم الكريم من العلم الذي لا ينفع، حتى جعل ذلك دعاءً له يدعو به في أكثر أحيانه - صلى الله عليه وسلم -.

وقد تمثلت شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - المعلم في الرأفة والرحمة، وترك العنت وحب اليسر، والرفق بالمتعلم، والحرص عليه، وبذل العلم والخير له في كل وقت ومناسبة، بالمكان الأسمى والخلق الأعلى، قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (128) سورة التوبة.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخيَّر في تعليمه من الأساليب أحسنها وأفضلها، وأوقعها في نفس المخاطب وأقربها إلى فهمه وعقله، وأشدها تثبيتا للعلم في ذهنه وأكثرها مساعدة على إيضاًحه له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير