وقالوا بخلافتهم، لقول الله عز وجل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَات) (النور: من الآية55) فخاطب بقوله {منكم} من نزلت الآية وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم على دينه، فقال بعد ذلك: (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (النور: من الآية55).
فمكن الله بأبي بكر وعمر وعثمان الدين، وعد الله آمنين يَغزُون ولا يُغزَون، ويخيفون العدو ولا يخيفهم العدو.
وقال عز وجل للذين تخلفوا عن نبيه عليه السلام في الغزوة التي ندبهم الله عز وجل بقوله: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ) (التوبة:83).
فلما لقوا النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه الإذن في الخروج للعدو فلم يأذن لهم، أنزل الله عز وجل: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (الفتح:15).
وقال لهم: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (الفتح:16)
والذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء خوطبوا بذلك لما تخلفوا عنه، وبقي منهم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ما أوجب لهم بطاعتهم إياهم الأجر وبترك طاعتهم العذاب الأليم، إيذانا من الله عز وجل بخلافتهم رضي الله عنهم ولا جعل في قلوبنا غلا لأحد منهم، فإذا ثبت خلافة واحد منهم انتظم منها خلافة الأربعة.
[الجمعة خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا]
43 - ويرون الصلاة - الجمعة وغيرها- خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا، فإن الله عز وجل فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضا مطلقا، مع علمه تعالى بان القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق، ولم يستثن وقتا دون وقت، ولا أمرا بالنداء للجمعة دون أمر.
[الجهاد مع الائمة وإن كانوا جورة]
44 - ويرون جهاد الكفار معهم، وإن كانوا جورة.
45 - ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والعطف إلى العدل.
46 - ولا يرون الخروج بالسيف عليهم.
47 - ولا القتال في الفتنة.
48 - ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العادل، إذا كان ووجد على شرطهم في ذلك.
[دار الإسلام]
49 - ويرون الدار دار الإسلام لا دار كفر - كما رأته المعتزلة - مادام النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرَيْن وأهلها ممكنين منها آمنين.
[أعمال العباد لا توجب لهم الجنة إلا بفضل الله]
50 - ويرون أن أحدا لا تخلص له الجنة - وإن عمل أي عمل - إلا بفضل الله ورحمته التي يخص بهما من يشاء، فإن عمله للخير وتناوله الطاعات إنما عن فضل الله الذي لو لم يتفضل به عليه لم يكن لأحد على الله حجة ولا عتب، كما قال الله: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) (النور: من الآية21)، (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء: من الآية83) وقال: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) (آل عمران: من الآية74).
51 - ويقولون: إن الله عز وجل أجَّل لكل حي مخلوق أجلاً هو بالغه، (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: من الآية34).
¥