عباد الله، وإذا تقررت محنة الإسلام والمسلمين بالمنافقين قديماً وحديثاً كان لا بد من بيان سماتهم وعلاماتهم؛ حتى يحذر المسلمون شرورهم ولا يتورطوا بشيء من خلال النفاق وصفات المنافقين، على أن حصرَ جميع ِصفاتهم والإحاطةَ بكل علاماتهم ومواقفهم أمرٌ يصعب ويطول، وحسبي الإشارة إلى شيء منها.
إخوة الإيمان، أما وصف جوارح المنافقين، فأسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر فهي لا تسمع منادي الإيمان، وعيون بصائرهم عليها غشاوة العمى، فهي لا تبصر الحقائق، وألسنتهم بها خرسٌ عن الحق فهم لا ينطقون، صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
لقد حكم القرآن بكذب ألسنتهم ومرض قلوبهم وجاءت السنة ببيان قلوبهم المنكوسة فقال تعالى: وَ?للَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لَكَـ?ذِبُونَ [المنافقون:1]، وقال تعالى: فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ?للَّهُ مَرَضًا [البقرة:10]، وقال رسول الهدى: ((القلوب أربعة)) وذكر منها القلب المنكوس ـ رواه أحمد بسند جيد ـ والقلب المنكوس هو قلب المنافق لأنه عرف الحق ثم أنكره.
والمنافقون مع كذبهم يخلفون الميعاد، ويخونون الأمانة، ويغدرون حين يعاهدون، ويفجرون حين يخاصمون، بهذا صح الخبر عن رسول الله وفي رواية مسلم: ((وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)).
أيها المسلمون، من علامات المنافق التكاسل عن الطاعات والمراءات حين يؤدون الواجبات ولا يستطيعون المواربة في المكتوب من الصلوات، ففضيحتهم تكون فيها، قال الله عن المنافقين: وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ?لصَّلَو?ةِ قَامُواْ كُسَالَى? يُرَاءونَ ?لنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء:142]، وقال تعالى: وَلاَ يَأْتُونَ ?لصَّلَو?ةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى? [التوبة:54].
وينكشف المنافقون أكثرُ ما ينكشفون في صلاتي العشاء والفجر حيث تقل الرقابة وتثقل عليهم الطاعة، يقول رسول الهدى: ((إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً)) رواه أحمد والنسائي، وأصله في البخاري.
وقال ابن مسعود: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) رواه مسلم.
هؤلاء هم المنافقون يؤخرون الصلاة عن وقتها وينقرونها نقر الغراب، ويلتفتون التفات الثعلب، وقلَّ ما يشهدون الصلاة مع جماعة المسلمين.
وهذا أمر مشاهد في الأحياء والبيوت اليوم، وهو نفاق معلوم كما قال ابن مسعود.
ولقد بنى المنافقون مسجداً ليبرروا تخلفهم عن الصلاة معه بالصلاة في ذلك المسجد الذي هو مسجد الضرار ففضحهم الله، أما في عصرنا فحجتهم أنه يصلي مع مسجد آخر يتأخر أو مع مسجد آخر يبكر، أو يصلي في العمل أو في الطريق، وبين المؤمنين والمنافقين صلاة الفجر مع المسلمين.
المنافقون لا يتصدقون ولا يزكون، وقد شهد القرآن ببخلهم وقبض أيديهم وقال عنهم: وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـ?رِهُونَ [التوبة:54].
أيها المسلمون، وحين يتفق العقلاء أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانة بقاء وصلاح المجتمع، فيه تحيا الفضيلة وتحاصر الرذيلة، ينتكس المنافقون في فهمهم وتراهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، يشتركون في السمة والأداء كما يشتركون في العقوبة والجزاء قال الله عنهم: ?لْمُنَـ?فِقُونَ وَ?لْمُنَـ?فِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِ?لْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ?لْمَعْرُوفِ [التوبة:67]، هذه صفتهم في كل زمان ومكان، وهذه طبيعتهم لا يتغيرون ولا يتبدلون ولهم في هذا الزمن مناهج شتى في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف منها:
تجنيد الأجهزة الإعلامية لصياغة الأمة صياغة فساد وعلمنة، من خلال البرنامج المسلسل والأغنية والتعليق الإذاعي والحوار والتغطية الإعلامية والتحقيق الصحفي والمقالات ذات الكاتب المجهول، وإجراء مقابلات مع أراذل الخلق الذين يراد منهم أن يكونوا نماذج في النجاح والتحضر والمدنية.
ولقد أمطرتنا صحيفة محلية بوابل من المقالات والتحقيقات التي تهدف إلى تحرير المرأة ـ زعموا ـ وتمتعها بحقوقها المشروعة من قيادة للسيارة وتدريبات صباحية في المدارس كالحال مع البنين، وأيضاً المشاركة في مجلس الشورى وإفراد النساء بمدن صناعية خاصة، وتمكين المرأة من حمل بطاقة خاصة بها قد لصقت بها صورتها.
¥