تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حملة محمومة سخَّرت فيها جميع عقارب النفاق لإقناع المجتمع بهذا الطرح الزائغ البليد، ففرح لهذا الطرح أقوام من المرضى حتى قال أحدهم: والحقيقة أنني سعيد جداً بمن يمكن أن أسميهم "عصافير الصحيفة" أولئك الإخوة والأخوات الذين يسعدونني بمقالاتهم وسجالاتهم الجميلة، سواء في صفحة الرأي, أو في الزوايا اليومية, وغير اليومية, أو في صفحة النقاشات وغيرها من الصفحات الأخرى, ويهمني بشكل خاص أن أقدم تحية حارة لأصحاب الزوايا اليومية الذين وفقت الصحيفة في اختيارهم والذين تشعر وأنت تقرأ لهم أنهم كتّاب مخلصون لفنهم, يكتبون بدمهم ورموش عيونهم.

ولما انتفش الباطل وظهر أمره رأت الصحيفة أن تغلق الستار على هذا الموضوع ولم يرق للكاتب هذا الأمر لأنه يريد ألا يوقف النقاش في قيادة المرأة للسيارة حتى يتحقق هذا المطلب بتمامه فكتب لهذه الصحيفة معاتباً كيف تغلق هذا الموضوع المهم دون نقاش القرآء، وأبدى لهم أنه أصيب بخيبة أمل شديدة لأنه أثنى عليهم في أمر ثم خذلوه في ذلك الأمر نفسه.

ومن أساليبهم أيضاً في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف طرح المسلمات العقدية والفقهية على سبيل عرض الآراء ووجهات النظر والحوار في كل شيء حتى قال أحدهم: ليست هناك قضايا ينبغي أن تظل بمنأى عن الحوار حتى تلك التي بقامة ناطحات السحاب.

ومن أساليبهم: التباكي والمدافعة عن الحقوق الشخصية والإصلاح ورد الاعتبار، ومن ذلك ما يحتجون به كثيراً في الحديث عن المرأة يقول أحدهم: والمرأة لدينا ترزح في إرث طويل من العزلة والمسكنة, نتيجة قرون طويلة من الأمية والجهل, ونتيجة خضوعها لتسلط قهري من الرجل الذي حبسها وفرض عليها العزلة التامة, تأثراً بعصر الجواري وأروقة "الحريم العثمانية".

عباد الله، المنافقون يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ولا يتورعون عن التهم الباطلة، وإن قوماً تطاولوا في تهمهم على مقام بيوت الأنبياء عليهم السلام لن يتورعوا في إلصاق التهم زوراً وبهتاناً على غيرهم من باب أولى، ولن يقصروا في دفع مجتمع المسلمين إلى الفاحشة والرذيلة.

كتب أحدهم قديماً من لندن ينعى على أمته ما هي فيه من تحجر وتطرف ويصف ما رآه في عربة أحد القطارات من أن شاباً وفتاة غارقين في القبل ما يقرب من نصف ساعة ولم يستنكر ذلك أحد في القطار, ويتسائل متى يرى هذه الظاهرة في بلاده؟ إن قضيته الشاغلة أن الفتيان في بلاده لا يقبلون الفتيات في نواصي الطرقات وهل يتصور حب للفاحشة أكثر من هذا؟ سبحان الله!

ولا شك أن كل من يكتب اليوم عن: تحرير المرأة مشاركٌ في إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ولم يفعل ذلك لسواد أعين النساء وإنما لأمر يراد في نفسه وإن زعم أنه فوق هذه الشكليات وأنه ينظر إلى ضمير المرأة دون النظر إلى شكلها، يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في تفنيد كلام هؤلاء السخفاء مخاطباً النساء: ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها وأنهم يكلمونها كلام الرفيق ويودونها ود الصديق، كذبٌ والله ولو سمعت أحاديثهم في خلواتهم لسمعت مهولاً مرعباً وما يبسم لك الشاب بسمة ولا يلين لك بكلمة ولا يقدم لك خدمة إلا وهي تمهيد لما يريد أو هي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد.

أيها المسلمون، تاريخ المنافقين حافل بالسخرية بالدين والاستهزاء واللمز بالمتدينين، وتلك طامة كبرى كشف فيها القرآن دخيلة المنافقين وحكم بكفرهم عليها رب العالمين حتى وإن اعتذروا فيها ظاهراً أمام المسلمين وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِ?للَّهِ وَءايَـ?تِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـ?نِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ [التوبة:65، 66]، وكشف الله عورهم مرة أخرى عندما سخروا من المطوعين من المؤمنين ووعدهم العذاب الأليم فقال تعالى: ?لَّذِينَ يَلْمِزُونَ ?لْمُطَّوّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَـ?تِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ?للَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:79].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير