السخرية بالصالحين أو بمعنى أصح التعبير عن كراهية الصالحين أمر موجود في إعلامنا وحساب من يتبنى ذلك على الله.
في كل عام يعرض في شهر رمضان المبارك مجموعة من حلقات ذلك البرنامج.
الذي يفترض في الممثلين القائمين على إنتاجه أن يؤدوا أدوارًا، تعالج سلبيات اجتماعية متنوعة لكن دأب القائمون على هذا البرنامج في السنوات الأخيرة على إبراز شخصية المواطن المتدين بقالب وصورة منفرة. تتعمد تشويهه، وتقديمه للمشاهد بشكل (كاريكاتيري) مضحك ومقزز، (الصورة الذهنية) التي يقدمها البرنامج عن الفرد الملتزم، تختزله في شخص متطرف، ضيق الأفق، يضطهد المرأة، مسكون بالهاجس الجنسي، رث الهيئة، ومخادع لا يعبر مظهره عن مخبره. فعلى سبيل المثال، قدم البرنامج في إحدى حلقاته، المواطن المتدين على أنه (خائن) و (مرتشي)، حينما أبدى الممثل الذي يقوم بدور شخص متدين استعداده لتزوير ميزانية إحدى الشركات.
في حلقة قديمة قُدِّمت الشخصية المتدينة على أنها غبية ومتطرفة. ففي رحلة خاوية (يحرص) المتدين، كما يقدمه البرنامج، على أن تكون المسافة بينه وبين (أقرب) مجموعة من الناس كيلومتر كامل، كما أنه يستخدم المقرب (الدربيل) ليتأكد من ذلك، وتوضع الأغطية الثقيلة على النساء في آخر المشهد الكاريكاتيري السخيف.
في مشهد آخر يقوم ابن أحد الممثلين بدور شاب متدين ويبدو من خلال ذلك الدور، أبلها معتوها، مظهره وهيئته منفران.
ولا شك أن هذه عملية تشويه، وتدمير متعمدة ومقصودة، للشخصية العامة. وهي تعني كل بيت في هذا الوطن الذي لا يكاد يخلو من شاب ملتزم، أو فتاة ملتزمة.
إن الممثل الذي يقدم ابنه ليؤدي دور شاب متدين، أبله وساذج، لا يستطيع أن ينكر أن أوائل طلبة الثانوية العامة هم في الغالب، من الشباب المتدين. كما أن الذين انبروا للدفاع عن البرنامج لا يقدرون على إنكار تميز الشخص المتدين في مجتمعنا، في أكثر من موقع، فهناك عشرات بل المئات من المتدينين، من الأطباء والمهندسين، وأساتذة الجامعات، وغيرهم، من المتفوقين علميًا، على الصعيدين المحلي والعالمي.
إن أبرز صفة للمنافقين هي بغض الصالحين والتندر بهم وهي كافية لتكفيرهم ولوكان على وجه الخوض واللعب كما قال النبي لأولئك النفر لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـ?نِكُمْ [التوبة:66].
أيها المسلمون، المنافقون أصحاب المصالح والأهواء ليس لهم قرار واضح ولا قاعدة ثابتة تراهم مع المؤمنين تارة ومع الكافرين تارات رسل فساد وأصل كل بلية وهزيمة: ?لَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ ?للَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَـ?فِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ ?لْمُؤْمِنِينَ فَ?للَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ?لْقِيَـ?مَةِ وَلَن يَجْعَلَ ?للَّهُ لِلْكَـ?فِرِينَ عَلَى ?لْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141].
ولاء المنافقين للكافرين ولو عاشوا بين ظهراني المسلمين، وقلوبهم مع أعداء الدين وإن كانوا بألسنتهم وأجسامهم وعدادهم في المسلمين يخشون الدوائر فيسارعون للولاء والمودة للكافرين ويسيئون الظن بأمتهم فيرتمون في أحضان أعدائهم ويزعمون إبقاء أياد عند الكافرين تحسباً لظفرهم بالمسلمين: فَتَرَى ?لَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَـ?رِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى? أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى ?للَّهُ أَن يَأْتِىَ بِ?لْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى? مَا أَسَرُّواْ فِى أَنفُسِهِمْ نَـ?دِمِينَ [المائدة:52].
المنافقون هم الأعداء الحقيقيون للمسلمين، وهم الذين خططوا لأعظم نكبات المسلمين، هم رسل الفساد وعقارب النفاق وخنافس الفحش التي تسبح في كل عفونة وتصطاد في كل عكر: هُمُ ?لْعَدُوُّ فَ?حْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ?للَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون:4].
من كل ذئب إذا واتته فرصته هدى إليك بناب الغدر عن كثب
وإن بدا جانب الأيام معتدلاً لاً أتاك بثغر الأغيد الشنب
ما شئت من مقت ئت من أدب اشئت من ذلة في خده الترب
ويل الأفاعي وإن لانت ملامسها إذا على نابها من كامن العطب
كانوا المطية للأعداء مذ درجوا ينا وما برحوا في كل محترب
رسل الفساد وما حلوا وما رحلوا لا وكانوا به أعدى من الجرب
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة وعصيان فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وصلاة الله وسلامه على أشرف المرسلين.
أما بعد:
فيا عباد الله، من سيما المنافقين وعلاماتهم أنهم يكرهون التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله باطناً وإن زعموا الإيمان بهما ظاهراً ويميلون إلى حكم الطاغوت وإن لم يقولوا به جهاراً: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى? مَا أَنزَلَ ?للَّهُ وَإِلَى ?لرَّسُولِ رَأَيْتَ ?لْمُنَـ?فِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً [النساء:61].
سياسة التجويع وقطع الأرزاق وإذلال الأعناق من سياساتهم، وهم الذين ابتدعوها وسنوها، ولا يزال تلامذتهم وأتباعهم على منهجهم يمارسون السياسة نفسها وما فقهوا أن خزائن السموات والأرض بيد الله وأن الله خلق هذه الأرض وقدر فيها أقواتها وجعل مفاتيح الرزق بيده لا بأيديهم: هُمُ ?لَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى? مَنْ عِندَ رَسُولِ ?للَّهِ حَتَّى? يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ ?لسَّمَـ?و?تِ وَ?لأَرْضِ وَلَـ?كِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ [المنافقون:70].
إخوة الإسلام، هذه بعض سمات القوم وتلك ملامحهم وأماراتهم، ومن رام المزيد فكتاب الله حافل بذكر صفاتهم وفضائحهم وسنة المصطفى وسيرته زاخرة بكثير من مواقفهم وعدوانهم وحيلهم
¥