تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى ما يَعمَلون، فلا يكتُمون شيئًا ويظهِرون أشياء، ولا يتقلَّبون في مناهِجِهم، ولا يضطَرِبون في خُطَطهم، بل هم على مَنهجٍ واحد وطريق مستقيم، وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153].

أيّها المسلم، إنَّ المؤمنَ حقًّا هو الذي يوالي ربَّه ودينَه وأمّتَه، يوالي ربَّه بمحبّتِه وطاعتِه له وقيامِه بما أوجَبَ عليه، يوالي هذَا الدينَ بنصرِ هذا الدين والدّعوةِ إليه والتمسُّك به وتحكيمِه والتحاكم إليه، يوالي أمّةَ الإسلام بأن يحبَّ لهم الخيرَ ويسعَى في تثبيتِ الخيرَ في نفوسهم ويكرَه لهم الشرَّ والبَلاء ولا يرضَى فيهم بنقيصةٍ ولا هوان، بل هو بعيدٌ كلَّ البعد عمّا يسيء إلى الأمّةِ في حاضرها ومستقبلها، يوالي وطنَه المسلم فيحمِيهِ من كيدِ الكائدين وحِقد الحاقدين، ويتصوَّر دعاةَ السوءِ والضلال وأنهم لا يريدون بالأمّةِ خيرًا، ولا يهدفون خيرًا، ولا يحقِّقون خيرًا، بل هو لا يصغِي للأقوالِ الضالة ولا للمَبادئ الخطيرة ولا للأفكارِ المنحَرِفة، لا يصغِي لشَيءٍ من ذلك، دينُه يمنَعه ويحجِزُه، دينُه يمنَعه عن الباطلِ وعن سماع الباطل وعن طاعةِ أهل الأهواء والضّلالات، دينه يحجزه عن ذلك، دينُه يدعوه إلى حبِّ الخير لنفسه وحب الخير لإخوانِه المسلمين: ((ولا يؤمِنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسِه)) [1]. المؤمنون بعضُهم أولياء بَعض، نصيحةً وتوجيهًا ودعوةً وإصلاحًا، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:71]، ولايةُ بعضِهم لبعض فيها النُّصحُ والتّوجيه وحبُّ الخير والسّعي في الخير.

أمّا من يدَّعي خلافَ ذلك بأن يجعلَ همَّه إلحاقَ الأذى بالأمّة وتسبيبَ الشرِّ للأمّة وإحداثَ الفوضَى بين صفوفِ الأمّة فذاك القولُ الباطل والتصوُّر الخاطئ، والأمّةُ ولله الحمد على منهجٍ من دينها، تَعلَم الكاذبَ وتَعلَم المغرِض، ويستبين لها الغيّ من الرّشاد، وتعلَم دعاةَ السوء وما يهدِفون وما يريدون، وأنهم لن يريدُوا بالأمّة خيرًا، ولن يقصدوا بهم خيرًا، وإنما هي الدِّعايات المضلِّلة التي يحيكها أعداءُ الإسلام، وينبري لها من يُحسب على الأمّة، والله يعلم أنَّ الأمّةَ والدّينَ منه براء.

فليتّقِ المسلمون ربَّهم، وليتمسَّكوا بدينهم، وليحمَدوا الله على نِعَمه العظيمةِ عليهم، أعظمُها نعمةُ الإسلام والتمسّك به ثم الأمنُ والخير والاستقرار، نسأل الله أن يوفِّقَنا جميعًا لما يرضِيه عنّا، وأن ويعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيّئات أعمالنا، وأن يردَّ كيدَ الكائدين ويذلَّ أعداءَ الإسلام ويرزقَ المسلمين الوعيَ والفهمَ الصحيح لدينهم والفهمَ الصحيحَ لمكائدِ أعدائِهم؛ حتى لا ينطلِي عليهم الباطلُ، ولا يغترّوا بهذه الضلالات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله جل وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153].

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضَى، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدّين.
أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير