تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَيْمَـ?نَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ?للَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [المنافقون: 1، 2]. فهم كانوا يَجِيئُونَ إلى رسول الله فيشهدون بين يديه برسالته شهادة باللسان ولا يقصدون بها وجه الحق، إنما يقولونها للتقية، وليخفوا أمرهم وحقيقتهم على المسلمين فهم كاذبون في أنهم جاؤوا ليشهدوا هذه الشهادة، فقد جاؤوا ليخدعوا المسلمين بها، ويُدَارُوا أنفسَهم بقولها، ومِنْ ثَمَّ أكذبهم الله في شهادتهم بعد أن أثبت حقيقة الرسالة: وَ?للَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ?للَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لَكَـ?ذِبُونَ.

وقد اتخذوا أيمانهم وقاية حيث صَدّوا أنفسهم وصدوا غيرهم عن سبيل الله بِأََسْوَإِِ خديعة وتضليل، ألا وهو الكذبُ الْمُؤَيَّدُ بالأيمان الكاذبة. فهم عرفوا الإيمان ولكنهم اختاروا العودة إلى الكفر فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، قال تعالى: ?تَّخَذُواْ أَيْمَـ?نَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ?للَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ءامَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى? قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ [المنافقون: 2، 3].

وقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَـ?مُهُمْ لأنهم أجسامٌ تُعْجِبُ لا أَنَاسِيَّ تَتَجَاوَبُ، وإذا كانوا صامتين لا يتكلمون فهم أجسام معجبة للعيون، وأما حين ينطقون ويتكلمون فهم خواء من كل معنى ومن كل حسّ، كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ لا حركة فيها، فهم دائمًا في حالة من التّوجّس الدائم والفزع والاهتزاز والخوف، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ، فهم يَتَوَجَّسُونَ من كل حركة ومن كل صوت ومن كل كلمة وهاتف يحسبونه يطلبهم وأنهم هم المقصودون؛ لأنهم يخافون من فضيحة أمرهم ونفاقهم.

ويُنَبِّهُ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وتعالت عظمته ينبِّه الرسولَ وأصحابَه والمؤمنين إلى يوم القيامة على حقيقة المنافقين بأنهم هم العدو الحقيقي الذي يَنْخُرُ في جسم الأمة المسلمة، والله تعالى مقاتلهم حيثما انصرفوا وأنَّى اتَّجَهُوا، قال تعالى: هُمُ ?لْعَدُوُّ فَ?حْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ?للَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: 4].

وقال جل جلاله: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ?للَّهِ لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ?للَّهُ لَهُمْ إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَهْدِى ?لْقَوْمَ ?لْفَـ?سِقِينَ هُمُ ?لَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى? مَنْ عِندَ رَسُولِ ?للَّهِ حَتَّى? يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ ?لسَّمَـ?و?تِ وَ?لأرْضِ وَلَـ?كِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى ?لْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ?لأعَزُّ مِنْهَا ?لأذَلَّ وَلِلَّهِ ?لْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـ?كِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [المنافقون: 5 - 8].

لقد ذكر غيرُ واحدٍ من السلف أنَّ هذا السِّيَاقَ السَّابِقَ من الآيات كله نزل في عبد الله بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، فقال ابن إسحاق في حديثه عن غزوة بني المصطلق سنة ست من الهجرة على المريسيع وهو ماء لهم أي: لبني المصطلق، قال: فبينا رسول الله على ذلك الماء ـ بعد الغزوة ـ وَرَدَتْ وَارِدَةُ الناسِ، ومع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَجِيرٌ له من بني غفار يُقَالُ له: جَهْجَاه، فازدحم جهجاهُ وسِنَانُ بْنُ يزيد الْجُهَنِيّ على الماء فاقتتلا، ـ أي: تخاصما ـ فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، وفي رواية للبخاري ومسلم: فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي: ((دعوها فإنها مُنْتِنَةٌ) ثم جاء في الرواية الأخرى: فغضب عبد الله بن أبيّ بن سلول وعنده رهط من قومه، وفيهم زيد بن أرقم غلام حَدَثٌ، فقال: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا؟ قد نَافَرُونَا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أَعُدُّنَا وجَلابِيب قريش إلا كما قال الأوَّلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلكَ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم: هذا ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير