تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَّهُمْ فَرِحُونَ [التوبة:50]، أي بالنجاة وبما أصاب المسلمين من بلاء، ذلك أنهم يأخذون بظواهر الأمور، ويحسبون البلاء شراً في كل حال، ويظنون أنهم يحققون لأنفسهم الخير بالتخلف والقعود. وقد خلت قلوبهم من التسليم للّه، والرضا بقدره، واعتقاد الخير فيه، فارتكسوا في حمأة النفاق والعياذ بالله.

اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والنفاق والشقاق، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.

الخطبة الثانية

أما بعد: فإن للمنافقين صفات مغايرة لصفات المؤمنين، فحين يتآمر المسلمون بالمعروف ويتناهون عن المنكر فإن للمنافقين شأناً آخر سجله القرآن: ?لْمُنَـ?فِقُونَ وَ?لْمُنَـ?فِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِ?لْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ?لْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ?للَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ?لْمُنَـ?فِقِينَ هُمُ الْفَـ?سِقُونَ [التوبة:67].

وإذا رأى المسلم من يفعل الخير غبطه وشكر صنيعه، أما المنافقون فإنهم إذا رأوا من يفعل الخير ويبذله لمزوه واستنقصوه ?لَّذِينَ يَلْمِزُونَ ?لْمُطَّوّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَـ?تِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ?للَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:79]، والمسلم الحق يتمنى أن يجاهد في سبيل الله، ويفرح إن سمع براية جهاد ترفع، والمسلم يجاهد بنفسه وماله. أما المنافقون فيخبرنا القرآن أنهم لا يخرجون إلى الجهاد ولا يعدون له العدة وَلَوْ أَرَادُواْ ?لْخُرُوجَ لاعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـ?كِن كَرِهَ ?للَّهُ ?نبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ?قْعُدُواْ مَعَ ?لْقَـ?عِدِينَ [التوبة:46]، ثم بين سبحانه خطورتهم لو خرجوا مع المسلمين في القتال لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولاَوْضَعُواْ خِلَـ?لَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ?لْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّـ?عُونَ لَهُمْ وَ?للَّهُ عَلِيمٌ بِ?لظَّـ?لِمِينَ [التوبة:47]، أي لا يزال في صفوف المسلمين من يغتر بكلام المنافقين وأكاذيبهم لما يزوقون به أحاديثهم وكتاباتهم، ومهما استخفى المنافق وتنكر ولبس لباس المؤمنين وتظاهر بحبه وموالاته لهم فإن الله تعالى يفضحه بفلتات لسانه أو بخط بنانه أَمْ حَسِبَ ?لَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ?للَّهُ أَضْغَـ?نَهُمْ وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَـ?كَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَـ?هُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ ?لْقَوْلِ وَ?للَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَـ?لَكُمْ [محمد:29، 30]، وفي التحذير منهم يقول الله تعالى: ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ?لْبَغْضَاء مِنْ أَفْو?هِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـ?تِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118]، وقد أُمِر المسلمون بجهاد المنافقين كما أُمِروا بجهاد الكافرين ي?أَيُّهَا ?لنَّبِىُّ جَـ?هِدِ ?لْكُفَّـ?رَ وَ?لْمُنَـ?فِقِينَ وَ?غْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ?لْمَصِيرُ [التوبة:73].

وللنفاق في كل عصر ومصر لباسه وخلاله ومقاله، وللمنافقين في كل بلية أو مصيبة تنزل بالمسلمين مشاركة أو شماتة، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الخطبة الأولى

أما بعد: فاتقوا الله تعالى، والزموا طاعته، واحذروا معصيته، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ [الحشر: 18، 19].

أيها الناس، في المحن والأزمات يظهر الرجال من أشباههم، وحين يتكالب الأعداء على أهل الإسلام يبين المؤمنون من المنافقين، ويتميز الثابتون على دينهم من الناكصين على أعقابهم.

إن المحن والابتلاءات تفضح الأنانيين الذين يقدمون ذواتهم على أمتهم، ويضحون بقضاياهم في سبيل مصالحهم، ويمالئون أعداء الأمة على إخوانهم، في صفاقة متناهية ورقاعة غير مبالية وعداء سافر ونفاق ظاهر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير