أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ إِلَى ?لَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ?للَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ?لْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَعَدَّ ?للَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ?تَّخَذْواْ أَيْمَـ?نَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ?للَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْو?لُهُمْ وَلاَ أَوْلَـ?دُهُمْ مّنَ ?للَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ أَصْحَـ?بُ ?لنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ?لِدُونَ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ?للَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى? شَىْء أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ?لْكَـ?ذِبُونَ ?سْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ?لشَّيْطَـ?نُ فَأَنسَـ?هُمْ ذِكْرَ ?للَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَـ?نِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـ?نِ هُمُ الخَـ?سِرُونَ [المجادلة:14 - 19].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي تقدس في علاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، ولي من تولاه، وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمدٌ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، حذر أمته من النفاق وأوصاف المنافقين فجزاه الله عن أمته خير ما جازى نبياً عن أمته.
ثم أما بعد:
فيا عباد الله، إن العبد إذا لم يتعاهد إيمانه، ويحافظ على طاعة ربه، واستهان بالمعاصي قاده ذلك إلى الشر ومراتعه، فينسل من الخير رويداً رويداً حتى يغلف قلبه الران، قال صلى الله عليه وسلم: ((تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عوداً عوداً، فأيُّ قلبٍ أُشربها نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكتت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى يصير القلبُ أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنةٌ ما دامتِ السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه)) [صحيح الجامع (2960)، رواه أحمد ومسلم عن حذيفة].
وقد كان السلف الصالح يخاف على نفسه النفاق أشد الخوف، فقد سبق قول عمر رضي الله عنه، وكان يلاحِظ حذيفة عند الجنائز، فإن صلى حذيفة على الميت صلى عمر، وإن لم يصلِ لم يصل.
وقال البخاري رحمه الله: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف على نفسه النفاق.
ويذكر عن الحسن أنه قال: (ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق). وروي عن الحسين أنه حلف: (ما مضى مؤمن قطُّ ولا بقي إلا وهو من النفاق مشفق، ولامضى منافق قط ولابقي إلا وهو من النفاق آمن، وكان يقول:من لم يخف النفاق فهو منافق).
وسئل الإمام أحمد رحمه الله: ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ فقال: ومن يأمن النفاق على نفسه؟
وكان الحسن يسمي من ظهرت منه أوصاف النفاق العملي منافقاً، وروي نحوه عن حذيفة.
فالحذر الحذر عباد الله من النفاق وخصال المنافقين، اصدقوا في الأقوال والأعمال، ووفوا بالعهود والمواثيق، والتزموا بالمواعيد، واعفوا عند المخاصمة. وكونوا حرباً على المنافقين، وبينوا للناس عوارهم حتى يحذروهم، وقد أمر الله رسوله بجهادهم فقال: ي?أَيُّهَا ?لنَّبِىُّ جَـ?هِدِ ?لْكُفَّارَ وَ?لْمُنَـ?فِقِينَ وَ?غْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ?لْمَصِيرُ [التحريم:90].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ?لْبَغْضَاء مِنْ أَفْو?هِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـ?تِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِ?لْكِتَـ?بِ كُلّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ?لاْنَامِلَ مِنَ ?لْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ?للَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ?لصُّدُورِ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ?للَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:118 - 1