تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - أزمة خطيرة بعد وفاة معاوية بن يزيد: كان معاوية بن يزيد قد أحدث أزمة خطيرة، فقد كان أخوه خالد بن يزيد صبيًا صغيرًا. وكان أمر ابن الزبير قد استفحل وبايع له الناس من أنحاء الدولة، فرأى فريق من جند الشام - على رأسهم الضحاك بن قيس أمير دمشق- أن يبايعوا لابن الزبير، وحتى مروان بن الحكم كبير بنى أمية فكر في الذهاب إلى ابن الزبير ليبايعه ويأخذ منه الأمان، ولكن سائر الجند والقادة بزعامة حسان بن مالك زعيم القبائل اليمنية - الذين كانوا أقوى المؤيدين لبنى أمية وهم أخوال يزيد - رفضوا أن يخرج الأمر عن بنى أمية وأن يبايعوا لابن الزبير، فحدث خلاف شديد ولبث الشام ستة أشهر بدون إمام، وأخيرًا اتفق القوم على أن يعقدوا مؤتمرًا للشورى، يبحثون فيه عمن يصلح للخلافة ويصلون في ذلك إلى قرار (). ويعد معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان آخر خلفاء الفرع السفياني، وانتقلت الخلافة بعده إلى الفرع الثاني من بنى أمية «المروانيين»، وأولهم مروان بن الحكم، ولا يُعد عند كثير من المحققين والمؤرخين خليفة، حيث يعتبرونه باغيًا خرج على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير، وكذلك ولده عبد الملك لا يعد خليفة إلا بعد موت ابن الزبير، واجتماع المسلمين عليه ()، وبوفاة معاوية بن يزيد انتهت الدولة السفيانية وظهرت الدولة الزبيرية، ولكنها لم تستمر، فقد استطاع بنو مروان القضاء عليها، وسيأتي التفصيل في الصفحات القادمة بإذن الله تعالى.

ثالثًا: بيعة ابن الزبير بالخلافة:

بعد موت يزيد بن معاوية لم يكن هناك من خليفة، وإذا كان يزيد قد أوصى لابنه معاوية فإن هذا لا يكفي للبيعة، إذ لا بيعة دون شورى، إضافة إلى أن الذين قد بايعوا معاوية بن يزيد لا يزيدون على دمشق وما حولها وأعيان بنى كلب. وهذا مع أن معاوية بن يزيد لم يعش طويلاً، وترك الأمر شورى، ولم يستخلف أحدًا، ولم يوص إلى أحد، وكان عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما، قد بويع له في الحجاز، وفي العراق وما يتبعه إلى أقصى مشارق ديار الإسلام، وفي مصر وما يتبعها إلى أقصى بلاد المغرب، وبايعت الشام أيضًا إلا بعض جهات منها، ففي دمشق بايع الضحاك بن قيس الفهرى لابن الزبير، وفي حمص بايع النعمان بن بشير، وفي قنسرين زفر بن الحارث الكلابي، وفي فلسطين بايع ناتل بن قيس، وأخرج منها روح بن زنباع الجذامي، ولم يكن رافضًا بيعة ابن الزبير في الشام إلا منطقة البلقاء وفيها حسان بن مالك بن بحدل الكلبي ()، وهكذا تّمت البيعة لعبد الله بن الزبير في ديار الإسلام، وأصبح الخليفة الشرعي ()، وعين نواّبه على الأقاليم، وتكاد تجمع المصادر على أن جميع الأمصار قد أطبقت على بيعة ابن الزبير خليفة للمسلمين، ولذلك صرّح العديد من العلماء والمؤرخين بأن بيعة ابن الزبير بيعة شرعية، وأنه أولى بها من مروان ابن الحكم () , فيروي ابن عبد البر عن مالك أنه قال: إن ابن الزبير كان أفضل من مروان وكان أولى بالأمر منه، ومن ابنه عبد الملك (). ويقول ابن كثير: ثم هو - أي ابن الزبير - الأمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشد من مروان بن الحكم، حيث نازعه بعد أن اجتمعت الكلمة عليه وقامت البيعة له في الآفاق وانتظم له الأمر ()، ويؤكد كل من ابن حزم () والسيوطي () شرعية ابن الزبير، ويعتبران مروان بن الحكم وابنه عبد الملك باغيين عليه خارجين على خلافته، كما يؤكد الذهبي شرعية ابن الزبير ويعتبره أمير المؤمنين ().

1 - بيعة ابن الزبير بالحجاز: كان من الطبيعي أن يكون الحجاز أو المناطق خضوعًا وولاء لبيعة ابن الزبير؛ لكونه مركز المعارضة ضد بنى أمية، وقد سارع أهل الحجاز إلى مبايعة ابن الزبير، ويروي ابن سعد أن من الأوائل الذين سارعوا إلى مبايعة ابن الزبير عبد الله بن مطيع العدوى، وعبد الله بن رضوان ابن أمية الجمحى، والحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة، وعبيد بن عمير,

وعبيد الله بن علي بن أبي طالب, وعبد الله بن جعفر () , وكان هناك بعض العناصر الذي امتنعوا عن بيعة ابن الزبير وعلى رأسهم ثلاث شخصيات لها مكانتها وتأثيرها لاسيما في الحجاز وهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب, وابن عباس, ومحمد ابن الحنفية, وتكاد تجمع المصادر أن أيًّا من هؤلاء لم يبايع ابن الزبير طيلة حياته ().

أ- موقف ابن عمر من بيعة ابن الزبير:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير