تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بايع ابن عمر يزيد بالخلافة, والتزم ببيعته, وحاول إقناع ابن الزبير بذلك, ونهاه عن إثارة الفتنة والخروج على خلافة يزيد () , وبعد وفاة معاوية بن يزيد بويع ابن الزبير بالخلافة, وطلب من ابن عمر أن يبايع له, فرفض ابن عمر البيعة معللاً ذلك بقوله: لا أعطي صفقة يميني في فرقة ولا أمنعها في جماعة (). ولم يحاول ابن الزبير إجبار ابن عمر على البيعة, كما أن المصادر لم تشر إلى أي صدام أو مواجهة وقعت بين الاثنين () , وكان لامتناع ابن عمر على بيعة ابن الزبير تأثير سلبي, فقد كان ابن عمر يتمتع بمكانة عالية وبالأخص في الحجاز, وكان له تأثيره على الناس, فامتناعه عن البيعة يجعل البعض يقتدي به ويتخذ الموقف نفسه, ومما يزيد من تأثيره السلبي على حركة ابن الزبير أن ابن عمر كان يجبر من له طاعة عليهم أن يتخذوا الموقف نفسه الذي يتخذه ومع كل ذلك فلم يكن ابن عمر يشكل خطرًا حقيقيًا على ابن الزبير؛ فهو لم يكن ذا طموح للخلافة, كما أنه لا يملك أتباعًا يستطيع أن يواجه بهم ابن الزبير كما هو الحال عند محمد ابن الحنفية ().

ب- ابن عباس وبيعة ابن الزبير:

كان ابن عباس يختلف عن ابن عمر في مواقفه إزاء الفتن التي جرت في عصره, حيث خاض فيها وشهد مع علي صراعه ضد خصومه في موقعتي الجمل وصفين, ولما جاء الأمويون للحكم واستخلف معاوية يزيد بادر ابن عباس إلى بيعته, والتزم بها, ولم يعرف أنه أيد ابن الزبير الذي رفض البيعة, وفي الوقت نفسه لم يعلن عداءه لابن الزبير, وبدأت العلاقة بين الاثنين تدخل طورًا جديدًا بعد وفاة يزيد بن معاوية, حيث بويع ابن الزبير بالخلافة سنة 64هـ, وعندما طلب ابن الزبير من محمد ابن الحنفية وابن عباس المبايعة قالا: حتى تجتمع لك البلاد ويتسق لك الناس () , ووعداه بعدم إظهار الخلاف له (). لم يحاول ابن الزبير في بداية الأمر إجبارهما على البيعة, وبدأت العلاقة بين ابن الزبير وابن عباس في تحسن, نلمس ذلك في العديد من الروايات التي تدلل على شعور ابن عباس تجاه ابن الزبير, والمتمثل في تأييده لبعض مواقفه () , أو في الثناء المباشر عليه () , ويروي عبد الرزاق في مصنفه أن

ابن عباس كان قاضيًا لابن الزبير بمكة, إلا أن العلاقة بينهما تعكرت, وقد وردت عدة روايات تدل على مظاهر تردي العلاقة بين الاثنين, وإن كانت في مجموعها لا تخرج عن نطاق المناقشات الحادة (). ونظرًا لتوافق ابن عباس مع محمد ابن الحنفية في رفض بيعة ابن الزبير وتنامي خطر الأخير, فقد انتهى الأمر بخروج ابن عباس إلى الطائف, وبقى هناك إلى أن توفى () , وكان ابن عباس يثني على ابن الزبير, فعندما ذكر عنده قال ابن عباس: قارئ لكتاب الله, عفيف في الإسلام, أبوه الزبير, وأمه أسماء, وجده أبو بكر, وعمته خديجة, وخالته عائشة, وجدته صفية ().

ج- ابن الحنفية وبيعة ابن الزبير:

كان المبدأ الذي صرح به ابن الحنفية بعد وفاة يزيد ألا يبايع أحدًا إلا في حالة اجتماع الناس عليه () , لم يحاول ابن الزبير في بداية الأمر إكراه ابن الحنفية على البيعة, ولم يستمر ابن الزبير في سياسته اللينة مع ابن الحنفية, فبعد أن علا شأن ابن الزبير وجاءته بيعة الأمصار, وكادت الأمة تجتمع عليه, أحس أن الوقت قد حان لأن يبايع ابن الحنفية بناء على وعده, فعاود الكرة مرة أخرى, ودعاه إلى البيعة سنة 65هـ, ولكن ابن الحنفية أبى أن يبايع, فلجأ ابن الزبير إلى حبسه في الشعب () ,, ويبدو أن الزبير تخوف من دعوة المختار بن أبي عبيد الثقفي بالكوفة, فقد كان المختار من أشد المدافعين عن ابن الزبير أيام حوصر في مكة سنة 64هـ من قبل جيش الحصين بن نمير السكوني, وكان المختار -بالإضافة إلى شجاعته وجرأته- يتمتع بمكر ودهاء كبيرين, ويحمل بين جنبيه طموحات عالية للزعامة () , لم يجد المختار عند ابن الزبير ما يحقق طموحاته, فأخذ يبحث عن مكان آخر يمكن أن يحقق فيه ما تصبو نفسه إليه, فترك مكة بعد ستة أشهر من نهاية الحصار الأول, ووصل العراق في رمضان 64هـ, واستطاع عن طريق إدعائه نصرة آل البيت ورفع شعار الأخذ بثأر الحسين أن يجمع حوله الأنصار والمؤيدين والناقمين على حكم بني أمية, واستطاع أن يستولي على الكوفة () , وكان المختار على علم بما جرى بين ابن الزبير وابن الحنفية في أمر البيعة, وأراد أن يستغل هذا الموقف لصالحه وادعى أنه موفد من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير