تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أخذ داود يتنبأ و يمدح نبي الأمم:

(مع الرحيم تكون رحيما. مع الرجل الكامل تكون كاملا. مع الطاهر تكون طاهرا. و مع الأعوج تكون ملتويا)

ولا يمكن لنبي الله داود أن يخاطب الله بهذا الكلام كما يدعي مفسروا النصارى ليخرجوا بالنبوءة عن معناها.

بل هو يتنبأ عن إنسان يتصف بالرحمة و الكمال البشري ,و الطهارة و الذكاء و الحيطة.

ثم قال عنه أيضا (لأنك تخلص الشعب البائس , و الأعين المرتفعة تضعها). فالشعب البائس هو الذي عاشفي ظلمات الكفر , فلا يكون بني إسرائيل الذين كانوا مؤمنين بالله في زمن داود و زمن المسيح أيضا , لأنكتاب المزامير و الأناجيل لا تثبت أن اليهود أشركوا بالله في تلك الفترة الزمنية. فلعل الشرك ظهر فيهم بعدذلك كما أفهم من كتبهم و من القراّن الكريم.

و هذا السيد أخضع المتكبرين والكفار الذين أخضعوا هذا الشعب البائس , و ينقذهم من الكفر , و يقهر الكفار. ولكن بماذا؟

بكتاب الله و نصر الله له , فينشر التوحيد , و يحمل القران و السيف بحق الله (الله طريقه كامل , قول الربقول نقي. ترس هو لجميع المحتمين به. لأنه من اله غير الرب ... الذي يعلم يدي القتال .. أتبع أعدائيفأدركهم ولا أرجع حتى أفنيهم. أسحقهم فلا يستطيعون القيام. يسقطون تحت رجلي ... فأسحقهم كالغبار قدامالريح .. تنقذني من مخاصمات الشعب. تجعلني رأسا للأمم).

و لم يخرج داود و لا سليمان ولا المسيح لنشر دين الله بين الأمم , و لم يصبح أيا منهم رئيسا في شعب من الأمم , إلا محمد - عليهم جميعا الصلاة و السلام.فقد نصره الله على قومه , ثم صار رئيسا لأمته , وبعد وفاته بفترة قصيرة صار رئيسا للأمم و لليهود و النصارى بشرع الله.

فكانت النتيجة: (شعب لم أعرفه يتعبد لي , من سماع الأذن يسمعون لي , بنو الغرباء يتذللون لي , بنوالغرباء يبلون و يزحفون من حصونهم) و صارت الشعوب التي لم تره تعبد الله بدين الله الذي أرسل به محمد , أرسله أميا يحفظ كتابه ويحفظه كل من يتبع دينه , و تذلل ملوك الأرض , وزحف اليهود ليخرجوا من حصونهم , لماذا؟

لأن الرب ينصره (حي هو الرب و مبارك صخرتي و مرتفع اله خلاصي , الإله المنتقم لي و الذي يخضعالشعوب تحتي ... أحمدك يا رب في الأمم و أرنم لأسمك) الأمم الوثنية صارت تعبد الله و تحمده , بعد أن أخضعهم محمد و علمهم التوحيد. إن سيدنا محمد هو النبي الوحيد الذي كانت رسالته من بدايتها إلى نهايتها خارج بلد اليهود , فصار (رأسا للأمم) و تم نشر دعوته من بعده بين شعوب لم تكن تعرفه ولا تعرف لغته ,

و هو النبي الوحيد الذي انتهت حياته وهو في قمة مجده من سيطرة دعوته (التوحيد) و النصر على الأعداء.

أما داود فقد مات و الله غير راض عنه بحسب قول كتابهم (أخبار أول 22: 8) و كذلك سليمان (ملوك أول 11) و المسيح مات مهزوما ثم قام و اختبأ من قومه بحسب روايات الأناجيل.

و المزمور التالي (التاسع عشر) يتكلم عن الصحابة الكرام الذين نشروا كتاب الله في كل مكان , و أما تلاميذ المسيح فلم تخرج رسالتهم عن اليهود فقط حتى حين خرجوا خارج أورشليم.إلا ما ندر مثل ذهاب مرقس إلى مصر , و توما إلى الهند (وقد أخفوا إنجيله) و بطرس إلى روما (و قد أخفوا إنجيله) وفي كل هذه البلاد كانت توجد جاليات يهودية يبدءون بها. فهذا لا ينطبق عليه قول المزمور (19: 4) (في كل الأرض خرجمنطقهم , و إلى أقصى المسكونة كلماتهم) و المقصود هو القراّن و التوحيد. فكانت رحلات جهادهم لأجل نشر دين الله لا تترك مكانا إلا و يدخلوه منتصرين لأنهم على الحق.

(مزمور 68): النبي المنتصر بالله , الآتي في أرض صحراء جرداء , و شعبه المنصور بالله.

و لقد اضطرب كلام المزمور بالتحريف , ولكن فيه حقائق.

و يقول النبي داود – عليه و على سيدنا محمد أفضل الصلاة و السلام:

(يقوم الله , يتبدد أعداؤه , و يهرب مبغضوه أمام الرب)

فقوله هنا (يقوم الله) يعني: ينتصر دين الله , و قوله (الرب) هنا يعني (النبي) القائم بنشر التوحيد.و لقد شرحت سابقا أن كلمة (الرب) في كتابهم تعني (السيد) و (المعلم) , كما جاء في (إنجيل يوحنا 1, 20) و قد تعني أيضا (الملاك) كما في كتابهم (قضاة) في قصة النبي (جدعون).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير