ولا أجد أبلغ في ردّ هذا الكلام من قول شيخنا عبد الله وكيل الشيخ – حفظه الله – في كتابه الماتع "المرأة وكيد الأعداء" (): «ولم تعرف المنطقة الإسلامية طائفة تقفل أبواب الحوار كطائفة العلمانيين، واسألوا التاريخ من الذي ملأ السجون والمعتقلات هنا وهناك؟ ومن الذي علّق رواد الفكر على أعواد المشانق؟ ومن الذي صادر الكتاب الإسلاميّ؟ ولقد عشنا أشرس المواقف وأبعدها عن الحوار من خلال مواقف صدام حسين الذي لا يستطيع أن يتبرأ منه العلمانيون؛ بل طالما تغنوا بأمجاده وهدروا في مربده وأزجوا لها القصيد تباعاً ... ».
ثمّ أين كانت هذه النداءات للحوار وقبول الآخر لما ضُرب الحصار الإعلامي الرهيب على الإسلاميين وأدبهم عن الجماهير والذي كان بمثابة "الحكم على الإسلاميين بالموت، وهم أحياء يراهم الناس" كما عبر عن ذلك الأديب الإسلامي الكبير علي أحمد بكثير يوماً ().
??????
(11)
الدَّاعِيَة البَصِير ..
يجمعُ بين القوتين: العلمية والعملية– قدر المستطاع –
وأكتفي للتعبير عن هذه الصفة بنقل كلامٍ قيّم لابن القيّم قال فيه: «فمن الناس من تكون له القوة العلمية الكاشفة عن الطريق، ومنازلها، وأعلامها، وعوارضها ومعاثرها، وتكون هذه القوة أغلب القوتين عليه، ويكون ضعيفاً في القوة العملية، يبصر الحقائق، ولا يعمل بموجبها، ويرى المتالف والمخاوف والمعاطب ولا يتوقاها، فهو فقيه ما لم يحضر العمل، فإذا حضر العمل شارك الجهال في التخلف، وفارقهم في العلم، وهذا هو الغالب على أكثر النفوس المشتغلة بالعلم، والمعصوم من عصمه الله ولا قوة إلا بالله.
ومن الناس من تكون له القوة العملية الإرادية وتكون أغلب القوتين عليه، وتقتضي هذه القوة السير، والسلوك، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والجِد، والتشمير في العمل، ويكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد والانحرافات في الأعمال والأقوال والمقامات، كما كان الأول ضعيف العقل عند ورود الشهوات، فَداءُ هذا من جهله، وداء الأول من فساد إرادته وضعف عقله، وهذا حال أكثر أرباب الفقر والتصوف السالكين على غير طريق العلم، بل على طريق الذوق والوجد والعادة ....
ومن كانت له هاتان القوتان: استقام له سيره إلى الله، ورُجي له النفوذ، وقوي على رد القواطع والموانع – بحول الله وقوته –، فإن القواطع كثيرة شأنها شديد لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد، ولولا القواطع والآفات لكانت الطريق معمورة بالسالكين، ولو شاء الله لأزالها وذهب بها، ولكن الله يفعل ما يريد، والوقت – كما قيل – سيف فإن قطعته وإلا قطعك.
فإذا كان السير ضعيفاً، والهمة ضعيفة، والعلم بالطريق ضعيفاً، والقواطع الخارجة والداخلة كثيرة شديدة، فإنه جهد البلاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء، إلا أن يتداركه الله برحمة منه من حيث لا يحتسب، فيأخذ بيده ويخلصه من أيدي القواطع، والله ولي التوفيق» ().
??????
(12)
الدَّاعِيَة البَصِير ..
يتثبت دائماً ولا يتعجل
وهو بهذا ينفذ أمر الله ? في قوله: ? ??????????? ????????? ??????????? ????? ?????????? ??? ??????? ???? ?????•??????? ? [النساء:94]. وفي قراءة: (فتثبتوا).
وقوله: ? ??????????? ????????? ??????????? ??? ?????????? ??????? ???????? ??????•??????? ??? ?????????? ??????? ??????????? ? [الحجرات: 6].
وقد عاب الله المتسرعين إلى إذاعة الأخبار التي يخشى من إذاعتها، فقال تعالى: ? ??????? ?????????? ?????? ????? ???????? ???? ?????????? ?????????? ????? ? ?????? ??????? ????? ?????????? ???????? ??????? ???????? ???????? ?????????? ????????? ?????????????????? ???????? ? ? [النساء: 83] ().
قال السعدي: «هذا تأديب من الله لعباده, عن فعلهم هذا, غير اللائق.
وأنه ينبغي لهم, إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة, والمصالح العامة, ما يتعلق بالأمن, وسرور المؤمنين, أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم, أن يتثبتوا, ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول, وإلى أولي الأمر منهم, أهل الرأي, والعلم والنصح, والعقل, والرزانة, الذين يعرفون الأمور, ويعرفون المصالح وضدها، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين, وسرورا لهم, وتحرزا من أعدائهم, فعلوا ذلك.
¥