عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وعنده رَجلٌ، تخوَّفتْ إنْ قمتُ مِنْ عنده أنْ يَقَعَ فيَّ، قَالَ: فَجَلَستُ حَتى قَامَ فَلمَّا قَامَ ذَكرتُهُ لإيَاس قَالَ: فَجَعَلَ يَنْظر في وَجهي، وَلا يقولُ لي شيئاً حَتى فَرغتُ، فَقَالَ لي: أغزوتَ الدَّيلمَ؟ قُلتُ: لا، قَالَ: فغزوتَ السِّند؟ قُلتُ: لا، قَالَ: فغزوتَ الهند؟ قُلتُ: لا، قَالَ: فغزوتَ الرُّوم؟ قُلتُ: لا، قَالَ: يَسْلمُ مِنْكَ الدَّيلم والسِّند والهند والرُّوم، وَلَيسَ يَسْلمُ مِنْكَ أَخُوكَ هذَا؟!! قَالَ: فلمْ يَعُدْ سُفْيَانُ إلى ذاكَ " ().
2 – وصنفٌ بالغَ في الحذر والتحري حتى وصل به الأمر إلى ترك بعض العبادات والعلم، وربما حصل لهذا الصنف نوعٌ من الوسوسة، وقد قال بعضُ العلماء: الوسوسة إنما تحصل للعبد من جهل بالشرع أو خبل في العقل، وكلاهما من أعظم النقائص والعيوب.
قال ابنُ رَجَب: «والقدرُ الواجبُ مِنْ الخَوفِ مَا حَمَلَ عَلَى أداءِ الفَرائضِ وَاجتنابِ المَحَارمِ فَإنْ زَادَ عَلَى ذَلكَ بحيث صَارَ بَاعِثَاً للنّفوسِ عَلَى التشميرِ في نوافلِ الطاعاتِ وَالانكفافِ عَنْ دقائق المكُروهاتِ وَالتبسطِ في فُضولِ المُبَاحاتِ كَانَ ذَلكَ فَضْلاً مَحْموداً، فَإنْ تَزايدَ عَلَى ذَلكَ بأنْ أورثَ مَرْضاً أوْ مَوتاً أوْ هَمّاً لازماً بحيث يَقْطعُ عَنْ السّعي في اكتسابِ الفضائلِ المطلوبةِ المحبوبةِ لله ? لم يكنْ مَحْموداً ... ، والمقصودُ الأصلي هُوَ طاعةُ الله ? وَفعل مراضيه ومحبوباته وترك مناهيه ومكروهاته، وَلا نُنكر أنَّ خشيةَ اللهِ وَهيبته وعظمته في الصدور وإجلاله مقصودٌ أيضاً، ولكنْ القدر النافع من ذلكَ مَا كَانَ عوناً عَلى التقرب إلى الله بفعل ما يحبه وترك ما يكرههُ، وَمَتى صَارَ الخوفُ مانعاً مِنْ ذلكَ وقاطعاً عنه فَقد انعكس المقصود منه، وَلكنْ إذَا حَصَلَ ذَلكَ عَنْ غَلَبة كَانَ صاحبه مَعْذوراً» ().
3 – وصنفٌ توسط واعتدل فلم يغفل هذا الجانب، وكذلك لم يبالغ في الحذر، بل يعمل ويدعو، ويتحرز من تقلب القلب، فهو دائماً يدعو: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، وَمِنْ عَلاَمةِ هذا الصنف أنَّه لا يبالي إذا ظَهَرَ الحق والخير على لسان مَنْ، قال الإمام الشافعي: «ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أو لسانه» ()، وقال أيضا: «ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ».
فاسأل الله تعالى – مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ – أنْ يثبتَ قَلْبِي وَقَلْبَكَ عَلَى دينهِ، وأنْ لا يزيغه بعد أنْ هداه عَنْ سبيل الهدى والإيمان.
??????
(15)
الدَّاعِيَة البَصِير ..
لا يستوحش من قلة السالكين
لأنه يقرأ كلام الحكيم الخبير: ? ?????? ???????? ?•?•???? ?????? ???????? ????????????? ????? ? [يوسف:103].
وقولَه: ? ????????? ????? ????????? ?????????? ? [سبأ:13].
وقولَه: ? ???? ????????? ?????????? ??????????? ????????????? ????????? ?•? ???? ? ? [ص:24].
وقولَه: ? ????? ?????? ???????? ??? ??? ???????? ????????? ??? ??????? ???? ? ??? ??????????? ???? ??????? ?????? ???? ???? ??????????? ????? ? [الأنعام:116].
وقولَه: ? ????????? ???????? ?•?•???? ?? ??????????? ? [هود: 17] وفي عدد من السور.
وقولَه: ? ????????? ???????? ?•?•???? ?? ??????????? ? [يوسف: 38].
وقولَه: ? ?????? ????? ????????? ?????????? ???? ???????????? ??????????? ???? ??????????? ??? ?????????? ?•? ????????? ???? ??????? ????????? ? ?????? ???????? ????????? ??? ?????????? ????? ??????? ??????? ?????? ???????? ?????????? ???? ? [النساء:66].
وقولَه: ? ?????? ??????? ???????? ???? ??????? ? [هود:40].
وفي الحديث عن النبي @ قال: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ... » ().
¥