تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، لا يعني عدم ورود الحديث من طرق أخرى ولكنه يعني أنه لا يعرفه من طريق صحيح إلا من هذا الطريق، فقد يفهم البعض عندما يجد طريقا آخر غير ما ذكره هذا الإمام أن هذا قد فاته، ويستدرك عليه، وقد نبه الحافظ ابن حجر رحمه الله على هذه المسألة في النكت على ابن الصلاح وبين مقصود الأئمة بذلك: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في النكت على ابن الصلاح (2/ 721 - 723): ولما أخرج الترمذي حديث ابن جريج المبدأ بذكره في ((كتاب الدعوات)) من جامعه عن أبي عبيدة بن أبي السفر، عن حجاج قال: هذا حديث حسن [صحيح] غريب لا نعرفه من حديث سهيل إلا من هذا الوجه انتهى. وهو متعقب أيضاً وقد عرفناه من حديث سهيل من غير هذا الوجه فرويناه في الخلعيات مخرجاً من أفراد الدار قطني من طريق الواقدي ثنا عاصم ابن عمر وسليمان بن بلال كلاهما عن سهيل به. ورويناه في كتاب الذكر لجعفر الفرباني قال: ثنا هشام بن عمار. ثنا إسماعيل بن عياش. ثنا سهيل به. ورويناه في ((الدعاء)) للطبراني من طريق ابن وهب قال: حدثني محمد بن أبي حميد عن سهيل.

فهؤلاء أربعة رووه عن سهيل من غير هذا الوجه الذي أخرجه الترمذي. فلعله إنما نفى أن يكون يعرفه من طريق قوية، لأن الطرق المذكورة لا يخلو واحد منها من مقال.

أما الأولى: فالواقدي متروك الحديث.

وأما الثانية: فإسماعيل بن عياش مضعف في غير روايته عن الشاميين. ولو صرح بالتحديث.

وأما الثالثة: فمحمد بن أبي حميد وإن كان مدنياً، لكنه ضعيف أيضاً

وقد سبق الترمذي أبو حاتم إلى ما حكم به من تفرد تلك الطريق عن سهيل، فقال: فيما حكاه ابنه عنه في العلل: ((لا أعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من طريق أبي هريرة رضي الله عنه.

قال: وأما رواية إسماعيل بن عياش، فما أدري ما هي؟ إنما روى عنه إسماعيل أحاديث يسيرة)). فكأن أبا حاتم استبعد أن يكون إسماعيل حدث به، لأن هشام بن عمار تغير في آخر عمره، فلعله رأى أن هذا مما خلط فيه، ولكت أورد ابن أبي حاتم على إطلاق أبيه طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة التي قدمناها، ثم اعتذر عنه بقوله: كأنه لم يصحح رواية عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري (فكأن الطريق المعلولة لا تأخذ في الإعتبار) وهذا يدلك على أنهم قد يطلقون النفي، ويقصدون به نفي الطرق الصحيحة، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة والله الموفق. انتهى. ويشير الشيخ عبد الله السعد حفظه الله أن مصطلح "حسن صحيح" يعني أن هذا الحديث دون الصحيح وإن كان ثابتا عنده وساق الشيخ حفظه الله مثالا لهذا وهو حديث محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة وقال عنه حسن صحيح ثم ساقه من طريق ابن أبي ذئب رحمه الله عن المقبري عن أبي هريرة وقال عنه: هذا حديث صحيح وهو أصح من الأول.

وقد نبه الشيخ حمزة المليباري في الموازنة (ص 118 - 122) على أن البعض قد يستدرك على الحفاظ إذا قالوا لايعرف من هذا الوجه بطرق غريبة متأخرة عن زمن هذا الإمام وذكر أمثلة لذلك.

ومن الأمثلة التي استخدم فيها الترمذي رحمه الله هذا المصطلح مع ورود الحديث من طرق أخرى حديث زكاة الفطر وزيادة مالك رحمه الله: "من المسلمين" حيث قال الترمذي رحمه الله في آخر العلل: ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث. وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس_ فذكر الحديث_ثم قال: وزاد مالك في هذا الحديث ك "من المسلمين"، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيم "من المسلمين". وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه. انتهى كلام الترمذي رحمه الله ومن هذه المتابعات ما رواه مسلم من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع وما رواه البخاري وأبو داود والنسائي من طريق عمر بن نافع عن أبيه. ودفع الطحاوي رحمه الله عن الترمذي رحمه الله في شرحه على المقدمة مدافعا عن الترمذي، أنه لم يذكر التفرد مطلقا عن مالك، وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك "فهناك متابعات لمالك رحمه الله ولكنها ليست لحفاظ كمالك رحمه الله ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير