تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعلوم أن النصارى فى أوربا لم يعرفوا التحضر إلا يوم تركوا النصرانية (المحرفة طبعا) وثاروا عليها وعلى كُبُولها التى كانت تقيدهم وتتعس حياتهم أيام كانوا أقذارا جهالا كسالى مرضى تعشش فى رؤوسهم الخرافات، وتمتلئ بيوتهم وشوراعهم بالقاذورات، ولا يستحمون إلا من العام للعام إن استحموا، ويئنون تحت وطأة رجال الكنيسة والملوك على السواء ولا يَرَوْن فى الآفاق بريق أمل. ولهذا حين ثار الفرنسيون مثلا على هذه الأوضاع الكريهة المستبشعة كان شعارهم: اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس! ولولا احتكاك النصارى بالمسلمين فلربما كانوا لا يزالون فى غطيطهم الثقيل، ذلك الاحتكاك الذى أطلعهم على لون من الحياة يختلف تماما عما كانوا يعيشونه من حياة آسنة منتنة. إلا أن المشكلة هى فى أن المسلمين كانوا فى ذلك الوقت قد بدأوا ينحدرون على السفح مبتعدين عن قمة الإسلام الشماء وظلوا فى انحدارهم مستمرين حتى وصلوا إلى ما هم فيه الآن، على حين تقدمت أوربا وظلت تتقدم، ونحن محلك سر.

أما بلبوصنا رقم 2 فقد ضرب الجهلُ والنفاقُ على عقله فهو يردد كلام المتخلفين ثم يظن أنه يحسن صنعا! والداهية الكبرى أن أستاذ جامعيا ينخبل فى عقله فيترك الوحدانية ويذهب إلى الاعتقاد، صدقا كان هذا الاعتقاد كما يزعم، أو كذبا ونفاقا فى الحقيقة، بأن الله قد ترك ألوهيته ونزل ليموت على الصليب وعرَّض نفسه للمهانة والشتائم والضرب على يد الأوباش من مخلوقاته، لا لشىء إلا ليسامح هؤلاء الأوباشَ أنفسهم على ما اجترحته أيديهم! خيبة الله عليك أيها البلبوص!

وهو يكرر ما قاله سيد القمنى (البلبوص رقم 1) فى تهديداته للمسؤولين فى مصر، قائلا إنه إذا تعرض له أحد فلسوف يصنع مثل القمنى، أى سيخلع هو أيضا "بلبوصا" (بنص الكلمة التى استخدمها بلبوصنا الجديد). ومما قاله أيضا أن السيدة حرم الرئيس هى التى عينته مديرا لمركز سوزان مبارك للفنون والآداب بجامعة المنيا لكى يحاربَ الإرهاب ويُرَقِّىَ الشباب بتعليمهم الفنون. وهو يتهور هنا داعيا لها بكل وقاحة وغباء أن يهديها الله إلى النصرانية، قائلا إنها "ست عظيمة"، وخسارة أن تبقى على ما هى عليه. وهذا كلام يتسم بالغشم وعدم التبصر، وبخاصة إذا سمعناه يقول إنه قد تولى عمادة (أم وكالة؟) كلية الدراسات العربية بالمنيا فى سن صغيرة نسبيا، وهو ما يعنى أن هناك من كان يدفعه إلى مناصب الصدارة والتأثير، إذ المعروف أن المناصب الجامعية لا تذهب إلى من يشغلونها بالانتخاب ولا اعتمادا على رضا الأساتيذ، بل على الاختيار من فوق! فكيف اختير مثله لمثل ذلك المنصب؟ كذلك يتحدث عن الله قائلا إنه كان يسأله دائما عن السر وراء أسفاره المتعددة والمتباعدة بحثا عن الهداية: ما الحكاية بالضبط؟ هل تضحك علىّ يا رب؟ ألم تقل لى: تعال إلى أمريكا، وأنا أهديك؟ فهأنذا قد أتيت إلى أمريكا، فلماذا لم تهدنى؟ وبدلا من ذلك تأخذنى هنا وهناك ثم لا أجد فى النهاية شيئا؟ (ألم تجد إلا أمريكا تبحث عن الهداية فيها يا كذاب، يا مفترى؟). ثم يصف البكاش صوتا لقسيس مصرى سمعه على الهاتف فى أمريكا، التى سافر إليها بحثا عن المسيح هناك (يا كبدى عليك!)، بأنه قد شعر أن هذا الصوت ليس صوت قسيس، بل هو صوت الله نفسه بحنانه واهتمامه به! وهنا آمن بالمسيح، الذى قُتِل من أجله وأصابه رشاش دمه كما يقول، وأخذه فى حضنه وجرى كثيرا حتى وصل إلى البيت ونام معه بعدما تغطى بالملاءة رغم حرارة الجو آنذاك، وإن فاته أن يقول لنا ماذا كان يصنع تحت الملاءة. كما يؤكد أنه سوف يأتى اليوم الذى يقوم فيه هو ونجلاء الإمام، مَثَله الأعلى، بتعميد المصريين فى نهر النيل ذاته. إن شاء الله سوف يعمّدهم بماء المجارى! وللعجب العاجب نرى هذا الذى يعلن فى كل مكان أنه يخطط لتنصير الملايين من المصريين يتباكى فى هذا الشريط تباكِىَ الثعالب قائلا إنه لا يريد من الآخرين شيئا سوى أن يتركوه يعيش مع الدين الذى أحب واختار، فهو لا يريد تنصير أحد. وهذا دليل على كذبه وخداعه ونفاقه وعلى أن دموعه التى يذرفها إنما هى دموع التماسيح. الحق أن من يستمع إلى الرجل فى هذا التسجيل ويرى توتر صوته وتشوش فكره واضطراب كلامه وشدة انفعاله وحَزْقه العنيف وإعلانه المستمر دون أدنى داع، ككل من على رأسه بطحة، أنه لم يذهب إلى أمريكا من أجل الدولارات،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير