[حملوا كتابي ((الخلاصة في أصول التربية الإسلامية)) للشاملة 3 + ورد + بي دي إف]
ـ[علي 56]ــــــــ[04 - 09 - 09, 07:10 م]ـ
الطبعة الأولى
1430 هـ - 2009 م
((ماليزيا))
((بهانج- دار المعمور))
((حقوق الطبع لكل مسلم))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اهتم الإسلام بكل جوانب الحياة، قال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (177) سورة البقرة.
وقد أولى التربية العناية البالغة، ذلك لأن المجتمع صغيرا كان أم كبيراً يؤثر تأثيراً بالغاً على سلوك الأطفال،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تَنْتِجُونَ إِبِلَكُمْ هَذِهِ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: { .. فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم. (1)
فأمر طبيعيٌّ أن يصوغ الإسلام الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم بمنهجه التربوي الفريد، الذي أنزله الله تعالى من عنده، ومن ثم لو قارنا بين المنهج الإسلامي في التربية وبين المناهج الأرضية الأخرى لوجدنا الفارق شاسعاً، ذلك لأن الأول من عند الله العليم الخبير بخلقه، وتلك من صنع الناس الذين لا يستطيعون أن يدركوا أسرار النفس الإنسانية. قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (14) سورة الملك.
ومن ثم فإنه يعتور تلك المناهج النقص والتغيير والتبديل والتركيز على بعض الجوانب وإهمال جوانب أخرى، ومن ثم لا يمكن لها - مهما نمقها أصحابها وزركشوها- أن تصلح النفس الإنسانية، وتوجد الإنسان الصالح.
بينما المنهج الإسلامي يتصف بالكمال والشمول، ومراعاة جميع جوانب الحياة المادية والمعنوية، ومن ثم فهو يرافق هذا الإنسان في رحلته الحياتية كلها منذ أن كان جنينا في بطن أمه إلى أن يموت، وما بعد الموت كذلك.
ولذا فإن أصول التربية الإسلامية - والمستمدة أصلاً من القرآن والسنة وما يستنبط منهما- تختلف اختلافاً حادًّا عن أصول التربية الوضعية.
وربما تلتقي معها في بعض الجزئيات ولكن أصول هذه الجزئيات مختلفة جدًّا.
وقد أوهم أعداء الإسلام بأن سبب تقدمهم تلك المناهج التربوية والفكرية التي وضعوها، فما على المسلمين إذا أرادوا التقدم إلا استيراد تلك المناهج وتطبيقها في بلاد المسلمين ليلحقوا بالركب، ولكن الحقيقة غير ذلك.
فقد استوردت هذه المناهج وطبقت في سائر بلاد المسلمين، ونحِّيَ المنهجُ التربوي الإسلامي، فلم يتقدم المسلمون، ولم يواكبوا ركب الحضارة، ولم تستطع تلك المناهج - الأرضية - أن توجد الإنسان الصالح، ولا المواطن الصالح، بل زاد الفساد، واستشرت المشكلات،يوما بعد يوم.
فاليابان لم تستورد تلك المناهج أصلاً، وإنما استوردت عناصر التقدم العلمي، وبقيت محافظة على ذاتيتها، فتقدمت تقدماً سريعاً خلال فترة قصيرة من الزمن.
أما نحن فلم نستورد من عند القوم إلا النفايات والمصائب، حتى نبقى تابعين لهم في كل شيء.
¥