تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غير واحد من العلماء رحمهم الله، والعمل عند أهل العلم على هذا الحديث؛ لأن مكة والمدينة نزل فيهما الوحي، وكان التشريع ونزول الوحي في هذا المكان، فيقولون: يرجع إلى هذا العرف عند اختلاف أعراف الناس، فيحتكم إليهما في الكيل كيلاً بالمدينة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا)، فكان الأشبه بهم كيلاً، والوزن يكون مرده إلى مكة، وعلى هذا يفصل بهذا التفصيل. وقوله: (زمن النبي صلى الله عليه وسلم)، فقد رجح المصنف رحمه الله هنا أن المكيلات والموزونات نرجع فيها إلى عرف المدينة ومكة، إذا كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مثل الزبيب، فقد كان موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في المدينة، وكان يباع كيلاً، فنقول: إنه يأخذ حكم المكيل ويجري فيه الربا؛ لأنه مطعوم مكيل. قال رحمه الله: (وما لا عرف له هناك اعتبر عرفه في موضعه) أي: ما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم رجع فيه إلى العرف في بلده، كما ذكرنا أنهم يقولون: إن المطعومات التي لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يرجع فيها إلى عرف بلادها، ويلغون عرف مكة والمدينة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم. ...... تحريم ربا النسيئة والفضل قال رحمه الله: [ويحرم ربا النسيئة] ....... معنى ربا النسيئة النسيئة: مأخوذ من النسأ، كقولك: أنسأ الشيء إذا أخره، ومنه قوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا [التوبة:37]، حيث كانوا يؤخرون الأشهر الحرم عن مواقيتها؛ فلأجل هذا التأخير وصف بكونه نسيئاً. فالنسيئة إما أن تكون من الطرفين، وهذا أشد ما يكون، وإما أن تكون من أحد الطرفين دون الآخر؛ كأن يعجل أحدهما ويؤجل الآخر، فيعطيه درهمين بدرهم، ينقد أحدهما وينسأ الآخر.

الأدلة على تحريم ربا النسيئة وقول المصنف: (يحرم ربا النسيئة) الدليل على التحريم قوله عليه الصلاة والسلام فيما ثبت في الصحيح من حديث عبادة رضي الله عنه وأرضاه: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد). فقوله عليه الصلاة والسلام: (يداً بيد) يدل على أنه لا يجوز بيع الربوي بالربوي مع اتحاد الصنف أو اختلافه إلا يداً بيد، وقوله عليه الصلاة والسلام في تتمة الحديث: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، منطوق النص واللفظ: أي: جاز لكم أن تبيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم، كيلو بكيلوين أو بثلاثة، إذا كان يداً بيد، هذا هو المنطوق. ومفهومه: لا تبيعوا الذهب بالفضة بالنسأ والتأخير إذا لم يكن يداً بيد. فالمنطوق: جواز بيع الذهب بالفضة، وبيع البر بالتمر، والشعير بالملح، الذي هو واحد من الأربعة بواحد آخر من الأربعة، بشرط أن يكون يداً بيد، ومفهوم الشرع: إذا كان يداً بيد؛ لأن المفاهيم عشرة، منها: مفهوم الشرع. فلما قال: (يداً بيد)؛ فهمنا أنه إذا لم يكن يداً بيد فإنه لا يحل، وقد ذكرنا حديث عبادة لأنه أصل، وإلا فهناك أحاديث أقوى وأصرح في تحريم ربا النسيئة. ومنها -الحديث الثاني- حديث عمر في الصحيح، وهو من أشد الأحاديث في تحريم ربا النسيئة وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء)، فقوله: (هاء وهاء) أي: هه هه، فتعطي وتأخذ، وهذا يدل على التنجيز والتعجيل والنقد والإعطاء حالاً. إذاً: فقوله: (هاء وهاء) معناه: أنه يقع في الربا إذا أخر ولا يقع فيه إذا عجل؛ لقوله: (إلا هاء وهاء)، فنص على كونه ربا إذا أخر، وهذا من المنطوق. الحديث الثالث: من أدلة المنطوق وهي أقوى: قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أسامة: (لا ربا إلا في النسيئة)، فإنه من أقوى الأحاديث التي دلت على حرمة النسيئة، بل عظمت أمره حتى قيل: لا يجري الربا إلا في النسيئة. وهذا من باب التعظيم. الحديث الرابع: حديث أبي موسى رضي الله عنه وهو في الصحيح أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا -أي: لا تزيدوا، من الإشفاء- بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير