تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لما قال: مبادلة المال بالمال، أولاً قال: مبادلة المال، فمعنى ذلك: أنه يدخل عقد النكاح وعقد الإجارة وعقد البيع وعقد الشركات؛ لأنك تدفع نصف الشركة وغيره يدفع نصف الشركة، وعقد المضاربة، والهدية، فعندما يعطيك ترد عليه بهدية أحسن منها، وهذه تسمى هبة العوض، التي كانت محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أتى العلماء بقيد: فقالوا: مبادلة المال بالمال. فلما قالوا (بالمال)، خرج مبادلة المال بالبُضع، الذي هو النكاح، وخرج مبادلة المال بالمنفعة وهي السكنى أو ركوب الدابة أو الإجارة، وخرج مبادلة المال بالمال لا للتمليك كالشركات، هذا بالنسبة للشافعية والحنفية والحنابلة. لكن المالكية قالوا: (عقد معاوضة على غير منافع) والمعاوضة عام، فأرادوا أن يخرجوا الإجارة، فقالوا: (على غير منافع) ثم أرادوا أن يخرجوا النكاح فقالوا: (ولا متعة لذة) كذلك أرادوا أن يخرجوا الشركة والمضاربة فقالوا: (ذو مكايسة)، أي: بالمخاطرة؛ لأن العقود منها ما فيه خطر، ومنها ما فيه الرفق، ومنها ما يجمع ما بين الرفق والخطر، أي: أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ما كان ضرراً محضاً أو غبناً محضاً. ما كان رفقاً محضاً. ما كان جمعاً للأمرين. فالغبن المحض: مثل البيع والإجارة، كأن يقول لك: أبيعك السيارة بعشرة آلاف، فتقول: لا، بتسعة آلاف .. بثمانية آلاف، كأن هناك ألفاً تريد أن تضع غبنها عليه، وهو يريد أن يضع غبنها عليك، أو تقول: أجرني دارك بألف، يقول: لا، بألف ومائتين، أو تقول: بعني هذه الشاة بستمائة، يقول: لا، بستمائة وخمسين .. بسبعمائة. إذاً فيه شيء من الغبن المحض، فكل منهم يريد أن يغبن صاحبه بالنسبة لعقد البيع وعقد الإجارة. أما الرفق المحض: كما لو جاءك وأعطاك ساعة هدية، فتذكرت أن من صنع إليك معروفاً تكافئه، فاشتريت له قلماً، هذه معاوضة، والهدية نوعان: - هدية يعطيها من أجل أن تعطيه أكثر، كأن يأتيك إنسان فقير ويقول لك: هذا القلم هدية مني لك، فهذا معناه أنه إنسان فقير يريد أن يلفت نظرك إليه، فتعطيه أكثر من هذه الهدية، فهذه يسمونها: هبة الثواب، وكانت محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تنقص من مكانة صاحبها، وفيها نوع من السؤال، فجعل الله فقر نبيه صلى الله عليه وسلم إليه: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [المدثر:6]، أي: لا تفعل المنة لكي تأخذ ما هو أكثر، وتمتن على الناس بالهدية تريد ما هو أكثر. فالشاهد أن هذا معاوضة، يعطيك وتعطيه، ولكنه يراد به الرفق المحض، ولا يراد به الغبن. - هناك عقود جامعة بينهما، كالشركات: كأن تعطي عشرة آلاف ويعطي عشرة آلاف، فتجتمعون في شركة وتكونونها، فأنت تريد أن تربح ماله وهو يريد أن يربح مالك، لكن تقول له: الربح بيننا بالأثلاث، ثلثان لي وثلث لك، يقول: لا، الثلثان لي والثلث لك، وقد يقول: ثلاثة أرباع لي وربع لك، إذاً فيه غبن وفيه رفق. كذلك عقد المضاربة الذي يسمى (الضراب): كأن تعطي العامل عشرة آلاف وتقول له: اضرب بها في الأرض والربح بيني وبينك، يقول: لا، لي الثلثان ولك الثلث، أو تقول أنت: لي الثلثان ولك الثلث .. لي ثلاثة أرباع ولك الربع، وقس على هذا. فلما يقول المالكي: (ذو مكايسة)، فمعنى ذلك ذو غبن وضرر، أو يحتاج إلى حذر، فأخرج عقد الشركة والمضاربة والهبة .. إلخ. إذاً تجد في تعاريف العلماء الألفاظ مختلفة لكن المضامين شبه متفقة؛ لأن الكل يريد نتيجة واحدة ويريد مضموناً واحداً، فهي وإن اختلفت عباراتها ولكنها غالباً تدور حول معنى متقارب. والله تعالى أعلم.

وصايا لطلاب العلم السؤال: نظراً لأهمية كتاب البيوع، هلا تفضلتم بذكر السبل المعينة على ضبطه؟ أثابكم الله. الجواب: أولاً: أوصي طلاب العلم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فمن اتقى الله فتح الله عليه، وإذا كان الإنسان مليء القلب من خشية الله سبحانه وتعالى، ومعمور القلب بحب الله وإرادة وجهه، دله الله على سبيله وهداه إلى طريقه، ومن تولى الله هدايته سلم من الضلالة وأمن من الغواية، قال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزمر:62]، فأهم شيء أن تتقي الله عز وجل، ولا تخرج من بيتك إلى مجلس العلم إلا نقي القلب تريد ما عند الله عز وجل، فإذا أردت وجه الله فتح الله عليك، فإنه لا شيء أعظم ولا أجلَّ من إخلاص العمل لله،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير