تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان لزاماً على طلاب العلم أن ينتبهوا لهذه المسائل، فهو باب مهم جداً، وكان العلماء رحمهم الله إذا أرادوا أن يعرفوا فقه الرجل نظروا إليه في باب المعاملات، وإن كان باب العبادات له شأنه ومنزلته، ولكنهم يتميزون ويظهر الفرق فيما بينهم في باب المعاملات؛ لأنه يحتاج إلى شيء من الدقة وشيء من التركيز، يبرز فيه فقه الفقيه، وفضل الله عز وجل على عباده، والله فضل بين العلماء، ورفع بعضهم على بعض درجات، فإذا أحب طالب العلم أن يعظم أجره في هذا العلم فليتقن مثل هذه المسائل ومثل هذه الأبواب، وليتعب وليجتهد وليصبر على عنائها؛ لأنها قد تمل وقد تحدث عنده شيئاً من السآمة، لكنه يصبر ويصابر، ويعلم ما أعد الله من الثواب لمن أحسن وجد في طاعته ومرضاته، خاصة فيما يعظم فيه النفع للمسلمين. والعلماء رحمهم الله ذكروا أن البيع مما يحتاج المسلم إلى معرفته، ويتعين عليه ولو في آحاد الصور، فإذا كنت تتعامل بنوع من أنواع البيع، فيجب عليك أن تسأل عن هذا النوع، فهذا أقل ما يجب عليك، فلو فرضنا أن الإنسان يتبايع بالذهب والفضة، فعليه أن يسأل ما هي أحكام صرف الذهب والفضة، وما هي أحكام بيع الذهب والفضة، وكيف يمكنه أن يتقن تلك الأحكام، أو على الأقل عليه أن يلم بأصولها التي ينبني عليها بابها. ...... تعريف (كتاب البيع) لغةً واصطلاحاً يقول المصنف رحمه الله: [كتاب البيع]، عبَّر (بالكتاب) لسعة هذا الباب وعظيم ما فيه من المسائل الكثيرة والفروع المشتهرة. وقوله: (البيع) مصدر مأخوذ من قولهم: باع الشيء يبيعه بيعاً ومبيعاً فهو بائع، وهو مأخوذ من الباع؛ لأن كلاًّ من البائع والمشتري يمد باعه، فأنت -مثلاً- لو مررت على إنسان تريد أن تشتري منه كتاباً فقلت له: بعني هذا الكتاب بعشرة ريالات، فقال: بعتكه بعشرة، أو قبلت، فقدَّم لك الكتاب وأعطيته العشرة، فإنك تمد الباع بالعشرة وهو يمد الباع بالكتاب، فقالوا: سمي البيع بيعاً من هذا. أما في اصطلاح أهل العلم رحمهم الله، فهناك تعاريف كثيرة للبيع. وبالمناسبة: تجد العلماء يعتنون دائماً بمسألة التعريف الاصطلاحي، أو التعريف الشرعي، أو الحقيقة الشرعية، وقلَّ أن تجد باباً من الفقه إلا وله تعريف اصطلاحي، فالصلاة تعَرّف لغة واصطلاحاً وكذلك الزكاة .. الرهن .. الإجارة .. الشركة .. المضاربة، إلى غير ذلك من الأبواب والكتب، فما السبب في ذكر هذه التعاريف؟ السبب: حتى تتميز المعاملات بعضها عن بعض، فربما يأتيك شخص فتقول له: بعتك هذه السيارة بكذا فيقول: قبلت، فيقول شخص آخر: هذه إجارة، فتقول له: لا؛ لأن البيع حقيقته مبادلة المال بالمال تمليكاً بالتراضي، ولكن الإجارة مبادلة المال بالمنفعة، فتستطيع أن تعرف ما هو المراد بكلمة (بيع) فأنت تنتقل في كتب العلماء بأفكار مرتبة وعلوم متقنة، فإذا عرفت ما هو البيع يرد السؤال: ما موقف الشرع من هذا البيع؟ ثم يرد السؤال: إلى كم قسم ينقسم؟ بيع حلال وبيع حرام. فما هي أوصاف الحلال، وما هي أوصاف الحرام؟ ثم يرد سؤال آخر: ما الذي يترتب على البيع الحلال؟ وما الذي يترتب على البيع الحرام؟ وعندها تكتمل الصورة في هذا الباب من أبواب المعاملات. فنحن نحتاج أولاً إلى معرفة مقدمات البيع، ومقدمات البيع تستلزم منك أن تعرف حقيقته لغة، وقد بيناها، وحقيقته اصطلاحاً، وثانياً: أن تعرف موقف الشرع من هذه المعاملة هل هي جائزة أم محرمة؟ ثم إذا كانت جائزة فهل هي جائزة على سبيل اللزوم أو على سبيل التخيير، أو على سبيل الفضيلة؟ ثم بعد ذلك تعرف ما هي أركان هذه المعاملة، وتعرف المقدمات التي يمكن أن تتصور من خلالها المعاملة، ثم تدخل بعد ذلك في التفصيلات والأحكام. وأكرر الوصية لطلاب العلم ألا يملوا ولا يسأموا؛ لأننا سندخل من هذا الكتاب إلى مباحث دقيقة ومسائل قد تكون بعض الشيء عويصة، وإن كنا لا زلنا في المقدمات، لكن ينبغي على طالب العلم أن يصبر وأن يأخذ من مجلس العلم ما استطاع أن يتوصل إليه من الفائدة. البيع في الاصطلاح: مبادلة المال بالمال تملكاً وتمليكاً، وبعض العلماء يقول: بالتراضي، وسنشرح هذا التعريف عند ذكر المصنف رحمه الله للجملة الأولى في كتاب البيع. ...... مشروعية البيع أما بالنسبة لمشروعية البيع وما موقف الشريعة من هذا النوع من المعاملات، هل هو حرام، أو هو جائز؟ والجواب: أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير