تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يجلبون تجارة فيها معونة لطلاب العلم، كالكتب ونحوها من الأوراق والأقلام، فمن هنا فقالوا: التجارة أفضل. وقال بعض العلماء: الزراعة أفضل. المهم: أن قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً [النساء:29] يعتبرونه أصلاً في جواز البيع وحلِّه. الدليل الثالث: قوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:9 - 10] فحرم الله البيع عند أذان الجمعة؛ وتحريم الله للبيع قد يكون لأسباب عديدة، منها: ظلم المسلم، كبيع الغش وبيع النجش. ومنها: ما يسبب قطع أواصر الأخوة، كبيع المسلم على بيع أخيه المسلم وسومه على سومه. ومنها: البيع في الوقت المستحق لما هو أهم، فهناك أوقات مستحقة لما هو أهم، كأوقات الصلوات المفروضة، فلما كان الوقت في يوم الجمعة مستحقاً لما هو أهم وآكد، وهو فريضة الله عز وجل بصلاة الجمعة حرَّم الله البيع، فقال: وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] ثم قال بعدها: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] (وَابْتَغُوا) أي: اطلبوا، و (مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)؛ لأن البيع والتجارة والأرزاق كلها من فضل الله سبحانه وتعالى، والأمر للإباحة، وقد كان بعض العلماء وبعض السلف يحب للمسلم أن يؤخر حوائجه ويشتريها بعد صلاة الجمعة؛ امتثالاً لقوله تعالى: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ). إذاً فقوله: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) دال على حلِّ البيع؛ لأنه نهى ثم أمر، والأمر بعد النهي يرجع إلى ما كان عليه، فإذا كان الشيء واجباً ثم نهي عنه، ثم أمر به رجع واجباً، وإذا كان الشيء مباحاً ثم نهي عنه ثم أمر به رجع حلالاً مباحاً مثلاً: حرَّم الله الصيد على المحرم: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة:96] لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95] ثم قال: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] فعلمنا أن هذا الأمر ليس للوجوب، وإنما هو دال على الإذن السابق للنهي، وعلى هذا قوله: وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] لا يدل على وجوب البيع والشراء بعد صلاة الجمعة، وإنما المراد به حل البيع والشراء. الدليل الرابع: قوله سبحانه وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] والآية نزلت فيمن يريد الحج والتجارة، فأذن الله ورخص لهم في ذلك. والسنة دلت أيضاً على حلِّ البيع وجوازه: وذلك كقوله عليه الصلاة والسلام: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)، وكقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى) وهذا من دلالة السنة القولية. أما السنة الفعلية: فإن رسول الأمة صلى الله عليه وسلم تعامل بالبيع، فاشترى من اليتيمين الحائط الذي بنى فيه مسجده وحجراته صلوات الله وسلامه عليه. وكذلك أيضاً: اشترى من جابر بعيره، وشرط جابر حملانه إلى المدينة. إذاً: تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالبيع، بقي عندنا السنة التقريرية، وهي النوع الثالث من السنة: فإن رسول الأمة صلى الله عليه وسلم جاء والسوق قائم في المدينة، وهي مكان التشريع، ومع ذلك سكت، وأقر الناس على البيع والشراء، ولم يحرم عليهم إلا ما حرم الله، فدل على حلِّ البيع وحلِّ التجارة وجوازها. إذاً دلَّ دليل السنة بالقول وبالفعل وبالتقرير. وأما الإجماع فقد أجمع العلماء على أن البيع جائز ومشروع، وأنه مما أذن الله به ووسع به على عباده. ...... أنواع البيع البيع ينقسم إلى نوعين: بيع مأذون به شرعاً. وبيع غير مأذون به شرعاً. فأما البيوع التي أذن الله بها فهي لا تنحصر، وأما البيوع التي حرمها الله فهي منحصرة ومعدودة، والدليل على ذلك من الكتاب قول الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275] فما قال سبحانه: (وأحل الله بيع السلم، وأحل الله بيع الخيار، وأحل الله بيع المرابحة)، وإنما عمم وقال: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]، ثم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير