تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفقيه بين يديك، ثم بعد ذلك يقال: هذا حلال، وهذا حرام، نحن الآن فقط نريد أن نعرف ما الذي نتكلم عنه وهو البيع، وما هي صوره، حتى تستطيع بعد ذلك أن تحكم على كل صورة على حدة. ننتقل بعد ذلك إلى بيع الذمة بالذمة، وقد قلنا: الذمة هي وصف في الإنسان، كما يقول العلماء، يقبل الإلزام والالتزام، أي: تلتزم به في ذمتك، تقول: لك عليَّ عشرة، لك عليَّ مائة، لك عليَّ كتاب مثلاً: (نسخة من صحيح البخاري)، لك عليَّ نسخة من شرح العمدة .. وهكذا، ومعناه أنك التزمت في ذمتك، وهذا يسمى عند العلماء الذمة، وغالباً ما يقع في بيوع الآجال. وفي بيع الذمة بالذمة، نحتاج أول شيء إلى ضرب الأمثلة على بيع الثمن بالثمن، وبيع المثمن بالمثمن، وبيع الثمن بالمثمن. فأنت الآن قررت أن يكون البيع ذمة بذمة، ومعناه أنك لا تعين، فتأتي إلى بائع الكتب، ويقول لك: أبيعك نسخة من صحيح البخاري، من طبع -مثلاً- بيروت، بمائة ريال، فيها عشرة أجزاء .. خمسة أجزاء .. أربعة أجزاء، فلاحظ هل المائة معينة أم موصوفة؟ هذه مائة موصوفة؛ لأن أي مائة تدفعها يصدق عليها أنها محل للعقد، فممكن أن تأتي بالمائة برأسها، وممكن أن تأتي بالمائة، في صورة ورقتين من فئة الخمسين وممكن أن تأتي بالمائة من فئة العشرات أو الخمسات أو الريالات، ومن حقك أن تلزمه بالبيع، فلو جئت بالمائة وهي قطع معدنية وقال: لا أريد، يلزمه البيع شرعاً؛ لأن البيع على موصوف في الذمة، ويصدق على هذه القطع المعدنية أنها مائة، هذا فرق المسألة، أي: حينما يقول لك: أبيعك بهذه المائة، لو أراد أن يبدلها بمائة أخرى لا يجوز، وليس من حقه إلا أن ترضى، ويعتبر إنشاءً جديداً للعقد، لكن إذا قال لك: بمائة، يكون قد صدق الوصف على أي مائة: ريالات .. حديد (نيكل) .. أو أن تكون جامعة بين النيكل والريالات، وليس بوارد على شيء معين، ولذلك قالوا: ذمة، التزم في ذمته بمائة. والتزمت أنت له في ذمتك بمائة، فإذا قال لك: أبيعك نسخة من صحيح البخاري، وعنده مائة نسخة، فأي نسخة منها مما ينطبق عليها الشرط ممكن أن تكون محلاً للعقد، فلو أخذت هذه النسخة وبعد أن ذهبت إلى بيتك وجدت فيها صفحة مطموسة، فجئت إليه وقلت: لا أريد هذه النسخة، قال: أعطيك بدلاً عنها، فقلت له: ما دام بعتني شيئاً بهذه الصفة فلا أريد، من حقه أن يلزمك بالبدل؛ لأن البيع وقع على موصوف في الذمة، ولم يقع على معين يفوت بفواته. إذاً: بيع الذمة بالذمة يقع في العين بالعين، ويقع: ناجزاً من الطرفين، ونسيئة من الطرفين، ويقع ناجزاً من أحدهما نسيئة من الآخر. وأيضاً: بيع الذمة بالذمة يقع في الثمن بالثمن، والمثمن بالمثمن، والثمن بالمثمن: ففي المثمن بالمثمن، كتاب بكتاب، تقول: أبيعك أو أعطيك نسخة من صحيح البخاري بنسخة من صحيح مسلم، التي عندي -مثلاً- من طبع كذا، والتي عندك من طبع كذا، فهذا بيع موصوف في الذمة بموصوف في الذمة في المثمن بالمثمن. وبيع الموصوف بالذمة في الثمن بالثمن، كقولك: أبيعك عشرة دولارات بمائة ريال، فهو صادق على كل عشرة دولارات وعلى كل مائة ريال. وقد يقع في الثمن بالمثمن، كقولك: أبيعك نسخة من صحيح البخاري بعشرة ريالات، فأصبح بيع ثمن بمثمن موصف في الذمة. فإذاً: عندنا ثلاث حالات في الذمة بالذمة: إما ثمناً بثمن كدولارات بريالات دون تحديد لها أو تعيين. أو مثمن بمثمن ككتاب بكتاب موصوفين في الذمة. أو ثمن بمثمن ككتاب بريالات، دون أن يحددا ويعينا المبيع في كل هذه الصور. بقي عندنا في بيع الذمة بالذمة: إما أن يكون ناجزاً من الطرفين. أو نسيئة من الطرفين. أو ناجزاً من أحدهما نسيئة من الآخر. - فأما أن يكون ناجزاً من الطرفين، كأن تقول له: أبيعك نسخة من صحيح البخاري بنسخة من صحيح مسلم ناجزاً منا، تعطيني الآن وأعطيك الآن، فتعطيه في المجلس ويعطيك في المجلس، فهذا يسمى: ذمة بذمة ناجزاً من الطرفين. - وأما ذمة بذمة نسيئة من الطرفين، كأن يقول لك: أعطيك الكتاب غداً وتعطيني الكتاب أيضاً غداً، فهذا يسمى: بيع الذمة بالذمة نسيئة من الطرفين، هو أخّر وأنت أخّرت، فهذا معنى قولهم: نسيئة. وأما ناجزاً من أحدهما نسيئة من الآخر، كأن تقول: خذ هذه النسخة الآن، فيقول: ليست عندي نسختي سأعطيك غداً، فهذا يعتبر ناجزاً من أحدهما نسيئة من الآخر. إذاً: الآن فرغنا من ست صور:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير