تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعشرة آلاف يقول البائع -مثلاً-: أبيعك سيارتي بعشرة آلاف، فقوله: (أبيعك) هذا تعبير للمستقبل، فيقول: أشتريها بعشرة آلاف، فقوله: (أشتريها) هذا تعبير للمستقبل. ففي الحالتين الأخيرتين: الأمر والمضارع، جماهير العلماء على أن الصيغة معتبرة، لكن يختلفون في مسألة هل يلزم إعادة الإيجاب مرة ثانية وإعادة القبول؟ ولكن العبرة بما دل عليه بساط المجلس وتعارف عليه الناس. والصيغ تنقسم إلى: صريحة، وظنية، فالصريحة: أن يصرح بالبيع، فيقول: بعتك، فتقول: اشتريت، فلما تتأمل كلمة (بعت) و (اشتريت) تجد أن لفظة (بعت) صريحة بالبيع ولفظة (اشتريت) صريحة بالشراء، وهناك ألفاظ غير صريحة، لكنها تدل بالعرف على أنه قد رضي البيع أو الشراء، قال له مثلاً: ملكتك سيارتي بعشرة آلاف، فقال: رضيت، ولم يقل: اشتريت، فهذا ضمناً كأنه قال: اشتريت، وفي بعض الأحيان، يقول له: خذ سيارتي بعشرة آلاف، قال: بارك الله لك، فـ (بارك الله لك) تدل على أنه رضي، والغالب عندنا في العرف أن هذا القول يدل على أنه رضي الكلام الذي قد قاله له. إذاً: إن كان اللفظ صريحاً أو بالنية فإنه يدل على انعقاد البيع، ونرجع إلى كل عرف بحسبه، فلا يتقيد الأمر بـ (بعت) و (اشتريت) وإنما يشمل كل لفظ دال على الرضا من الطرفين؛ لأن الله اشترط الرضا، والرضا أمر في القلب يدل عليه الظاهر، إما قولاً وإما فعلاً. ننتقل بعد ذلك إلى صيغة الفعل، أو دلالة الفعل على البيع، ودلالة الفعل مشكلة، أي: أن يقع فعل من البائع وفعل من المشتري يدلان على أنهما تراضيا على البيع، مثال ذلك: ما يجري الآن حينما تدخل بقالة وتجد فيها نوعاً من الطعام قد كتب عليه عشرة ريالات مثلاً، أو كتب عليه مائة ريال، فتأخذ هذا النوع وتأتي عند المحاسب أو صاحب البقالة أو العامل الذي هو وكيل عن مالك البقالة وتدفع نفس القيمة المكتوبة على السلعة، فيأخذ القيمة ولا تتكلم ولا يتكلم، فهذا بيع بالفعل، فما قال: (بعت) ولا قلت: (اشتريت)؛ لكنكما تفاهمتما عن طريق الفعل، وهذا البيع لا يمكن أن يمر يوم دون أن تفعله، خاصة في الخبز، والأشياء الحقيرة أي: التي قيمتها يسيرة سماها العلماء (المحقرات) -وستأتينا إن شاء الله- والمحقرات: هي الأشياء التي قيمتها زهيدة. فتأتي إلى الخبز وأنت تعلم أن الرغيف مثلاً بنصف ريال فتعطيه نصف ريال وتأخذ الخبز، فلم يقل: بعت ولم تقل: اشتريت، وليست هناك صيغة أبداً، إنما جرى العرف على أنك إذا وضعت نفس هذا المبلغ، وسحبت نفس الرغيف أنك راضٍ بهذا البيع. إذاً: الرضا بالبيع: إما أن يكون باللفظ: (بعت) و (اشتريت) أو يكون بالفعل، وهذا النوع من البيوع هو الذي يسمى ببيع المعاطاة، وسنتكلم عليه إن شاء الله ونذكر خلاف أهل العلم رحمهم الله فيه. أما إذا وقعت الصيغة باللفظ فلا إشكال، ولكن من حقك في الصيغة أن تتدخل وتلغيها، ومن حقه هو أن يتدخل ويلغيها، بشرط ألا تفترقا عن المجلس، فمثلاً: لو قال لك: بعتك سيارتي بعشرة آلاف ريال، فقلت له: قبلت، وأعطاك العشرة آلاف، وأعطيته مفاتيح السيارة، وجلستما خمس ساعات متواصلة، ثم في آخرها قال: لا أريد، فمن حقه أن يرجع في البيع، فالصيغة وحدها لا تلزم ما لم يكن بعدها الافتراق، وهذا ما سنتكلم عليه في خيار المجلس إن شاء الله تعالى. إذاً: انعقاد البيع يكون بالصيغة: الإيجاب والقبول، ولكن يتوقف لزوم العقد ولزوم الصيغة على الافتراق من المجلس، فلا يعتبر هذا اللفظ ملزماً إلا إذا افترقا من المجلس أو خيّر أحدهما الآخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)، فجعل الخيار لهما ما لم يقع الافتراق. ...... الفاصل بين الإيجاب والقبول وحكمه قال: [وينعقد بإيجاب وقبول بعده] (بإيجاب) هذا أول شيء، (وقبول بعده)، أي: بعد الإيجاب، فقوله: (بعده) أي: ألا يكون هناك فاصل بين الإيجاب والقبول، مثال ذلك: أن يقول له: بعتك سيارتي بعشرة آلاف، قال: قبلت، فلما قال: قبلت وقع القبول بعد الإيجاب مباشرة، فالبيع صحيح وتام؛ لكن لو فصل فاصل، نقول: الفاصل ينقسم إلى قسمين: الفاصل المتضمن للعقد. والفاصل الخارج عن العقد، ويسمى: بالفاصل المؤثر. أما الفاصل الذي هو داخل العقد كأن يقول له: بعتك سيارتي بعشرة آلاف، ثم قام إلى السيارة فقلبها ونظر فيها وفحصها ثم قال: قبلت، فإننا نعلم أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير